المصرف المركزي- في ورقة عمل- سجل سورية المالي خال من الديون…أستاذ كلية الاقتصاد لـ«غلوبال»: التقرير متناقض وغير مهني
خاص دمشق – بشرى كوسا
نشرت عدد من المواقع الالكترونية خلال الأيام الماضية ما أسمته ورقة عمل قدمها مصرف سورية المركزي تقول إن الأزمة المالية العالمية التي بدأت عام 2008 ووباء كورونا الذي بدأ في عام 2020 ارتبطا بأكبر زيادة في نسب الدين العام منذ الحرب العالمية الثانية، كما تراكمت ديون الاقتصادات المتقدمة بسرعة وارتفعت تدريجياً في السنوات التالية خاصة في أوروبا، حيث وصل إلى 84% عام 2019، ليقفز مرة أخرى إلى 99% بعد ظهور جائحة.
وبحسب ورقة العمل فإن سورية من الدول التي يخلو سجلها المالي بصورة شبه كاملة من الديون الداخلية أو الخارجية بعد أن شطبت روسيا ما تبقى لها من ديون متبقية من عهد الاتحاد السوفيتي، ولا تزال تحافظ على دين خارجي يعتبر مضبوطاً ومحدوداً رغم ما تعرضت له من تخريب وتدمير خلال فترة الحرب.
الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور عابد فضلية قدم قراءة لما ورد في الورقة، من خلال عدة نقاط منها، أولاً أن النص الذي ورد وتناقلته وسائل الإعلام هو عبارة عن ملخص (تم إعداده بتصرف) لورقة عمل سبق وإن قام المصرف المركزي بإعدادها، لذلك لا يمكن إجراء تقييم دقيق لما ورد حرفياً فيها.
وأوضح فضلية في تصريح خاص لـ«غلوبال»في النقطة الثانية بأن مؤشر تطور نسبة الديون عالمياً إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي هو مؤشر ضعيف ومضلل لأنه عبارة عن متوسط ديون كافة دول العالم، وهذا المتوسط يعني أن هناك دولاً نسبة ديونها 0% أو 2% أو 10% من ناتجها المحلي، ودول نسبة ديونها 60%، ودول نسبة ديونها 150%، ودول أخرى 300% إلخ، وبالتالي فالنسبة المتوسطة للديون العالمية غير معبرة عن نسبة ديون الدول منفردة.
وتابع فضلية في النقطة الثالثة القول: إن سورية يخلو سجلها المالي بصورة شبه كاملة، هو أيضاً قول غامض لأنه يذكر (السجل المالي)، متسائلاً ما هو المقصود بالضبط بهذا المصطلح، فهل هذا يعني أن هناك سجلات أخرى(علنية، سرية، مدنية، عسكرية).
ورابعاً، أشار فضلية إلى الفقرة المتعلقة بأن روسيا شطبت ما لها من ديون متبقية من عهد الاتحاد السوفيتي، فالوقائع الحقيقية لمسألة شطب وتصفية الديون الروسية وفق رأيه هي الآتي: خلال زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى موسكو عام 2005، تم الاتفاق على شطب كافة الديون المترتبة على سورية حتى تاريخ توقيع الاتفاق، عدا مبلغ(2.11 ) مليار دولار قامت سورية بتسديدها آنذاك على شكل بضائع سورية تم تصديرها وتغطيتها خلال عامي (2005- 2006 )، وبعد تنفيذ اتفاق تسوية الديون (عام 2005) تم فتح صفحة جديدة بين البلدين، مؤكداً عدم وجود معلومات جديدة فيما إذا ترتبت على سورية ديون جديدة بعد هذا التاريخ أم لا.
وحول الفقرة المتعلقة بالقول إن سورية لا تزال تحافظ على دين خارجي يعتبر مضبوطاً ومحدوداً، كشف فضلية عن أن هذا يناقض ما ورد في الأسطر السابقة بأن (السجل المالي) لسورية يخلو من الديون الخارجية والداخلية، فالصحيح أن النص نفسه يقول إن هناك ديناً خارجياً (مضبوط ومحدود).
وأكد فضلية بأن نفي وجود دين سوري داخلي غير صحيح على الإطلاق، ومن المؤسف أن يتم ذكر هذا النفي في وثائق رسمية وعلى صفحات إعلامية حكومية و رسمية، في وقت تعاني فيه سورية من عجز في الموازنات العامة للدولة خلال السنوات الخمسة عشر الأخيرة، كما الأمر في الكثير من دول العالم، أي أن معظم هذه الموازنات تمت تغطية عجزها بالدين الداخلي وبيع سندات الخزينة العامة الذي تم مرتين خلال العامين الماضيين، وبيع مثل هذه السندات هو عبارة عن استدانة حكومية ( أي دين داخلي بمئات المليارات)، عدا عن (شهادات الإيداع) التي أصدرها وباعها المصرفي المركزي على دفعتين في العامين الماضيين بمئات المليارات، والمركزي بدوره قام بمنحها لوزارة المالية كدين داخلي لتغطية عجز الموازنة، بدليل ما ورد في النص حرفياً: (وفي الوقت الذي تعاني فيه الخزينة العامة للدولة من انخفاض شديد في وارداتها..).
وختم الدكتور عابد فضلية كلامه بالتشكيك في أن يصدر عن مصرف سورية المركزي مثل هذا التقرير الضعيف والمتناقض وغير المهني الاحترافي.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة