الواقع الاقتصادي مسكنات أم علاج؟!
خاص غلوبال – هني الحمدان
لن يكون التخطيط ذا جدوى عالية دون إجماع على مرجعيات ومؤشرات صحيحة وإيجابية، والعمل على خيارات محددة يسهل توصيلها للجميع بأيسر وأسرع الطرق، وذات فائدة تنعكس بالنفع.
واليوم هناك مقاربات اقتصادية ذات توجه يختلف نوعاً ما، عن ماهو سائد، ولابد من نهج سياسات جديدة لكي تتم إزالة كل التشوهات المتراكمة، سواء أكانت كامنة بسلطة التشريعات والقوانين والتعليمات القديمة، التي لم تعد تواكب التغيرات والمتطلبات المستجدة، أو بتلك النمطية السائدة في بيئة الأعمال، وثقافة التعاطي للكوادر، كل ذلك مسائل يجب أن يطولها التغيير الإيجابي، إضافة لفتح قنوات تشارك وتعمل مع القطاعات الأخرى، ما يرتب ليس تساؤلات بل اعتماد أساليب عمل قد تختلف كما كان معهوداً في السابق.
فحالة الجدل الاقتصادي لن تنتهي عند مرحلة، رغم الحاجة لها نظراً لتعدد الصعاب وكبر حجم التحديات، لأن الحياة المعيشية ورفاه العامة ومستقبلهم يعتمد على كفاءة الحالة الاقتصادية وهذه يعتليها الكثير من الأمراض، وتسربت إليها حالة المرض التي طالت، ولكن يصعب أن يتم نقاش اقتصادي مفيد دون تفهم عميق للسياق وتأطير مناسب، إذ إنه دون إجماع حول مرجعية واحدة سوف يستمر الجدل المباشر وغير المباشر، وربما قد تذهب إحدى النقاشات إلى مناطق بعيدة عن الهدف متذرعة بأسطوانات لم تعد مبررة اليوم.
جاهل من يقول إن القطاع العام ليس بحاجة للقطاع الخاص، ولا يعي بالاقتصاد أي مفردة ما، ريادة القطاع العام ووصوله لحالة من الشفاء ومن ثم البدء بمسيرة نمائه، لا تتحقق إلا بالاستناد والتشارك مع نظيره الخاص ويجب في أماكن ما فتح المجال واسعاً للخاص لكي يمر ويعمل وينتج.
نقاشات لم تصل بعد لمرحلة الإثمار والتوافق الشامل حول بعض المسائل الاقتصادية وانعكاساتها على معيشة البشر، هناك ماهو خجول بمقابل بعضها القوي ويحمل نفساً واقعية يلامس جزيئات الواقع الصعب، مع التطلع لنوافذ علها تكون نجاة لبعض الإشكالات العالقة.
لكن لا ينبغي أن يستمر الجدل دون تحقيق إجماع على أولويات قليلة محددة، إذ دون اتفاق على المرجعيات يصبح أغلب النقاش عبثياً، وخاصة عندما تكون هناك مبالغة في توظيف حلول اقتصادية لمسائل تنموية.
ما نحتاجه اليوم تشخيص عملي بعيداً عن أي شعارات، ومن أحد أهداف تأطير المرجعية يجب أن نفرق بين الأعراض والمرض لأي مسألة أو قطاع، وبين المسكنات والعلاج طويل الأجل، وبالتالي يصبح النقاش أكثر عقلانية في نظري، هناك عدة معطيات لابد من الإجماع أولها مهما تعددت وصفات العلاج للقطاع العام لم تنجح ومن المحال أن يكتب لها النجاح، بعيداً عن أي تشاركية أو تخلي عن بعض الأدوار، لأحياء قطاعات ومن ثم البحث عن مخارج حل لبقية القطاعات بأدوار أخرى.
لا ننسى أننا نعيش حقبة صعبة، بين مطرقة الحاجة لإنعاش الواقع الاقتصادي وسندان التكيف المالي القليل أصلاً، وضرورة تشكيل العقلية الإنتاجية وأنماط التصرفات العقلانية مجتمعياً، كما علينا التمكن والتمكين من بعض الأشياء وترك الكثير من مجالات الأعمال والخطط، والوقت لم يعد يرحم لبقاء عقلية التجريب وغياب المساءلة، وهنا تحديد مسارات عمل حقيقية بطرق ومناهج مختلفة وذات مرونة وتحفيز تعزز فرص النجاح التي تزيد كلما استطعنا التنفيذ محلياً وفكرنا كونياً خاصة بعد المخاض التنويري والتفكير الاقتصادي المتواصل لأجل انتعاشه له.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة