انفراج سياسي وهلع اقتصادي !
خاص غلوبال _ محي الدين المحمد
الرياح السياسية تجري بما تشتهي السفن السورية حيث استعادت سورية مقعدها في الجامعة العربية وسط ترحيب عربي فاق التوقعات، وذلك يمكن أن يعطي مؤشرات لابد من التدقيق في مدلولاتها والبناء عليها، ولعل في مقدمة هذه المدلولات أن معظم الدول العربية كانت مرغمة وتحت الضغط الأمريكي الغربي على افتعال القطيعة مع سورية، أو أن بعض العرب ممن تسلل الإخوان المسلمين إلى قياداتهم قد انصاعوا للرغبة الإخوانية وساندوا الإرهابيين وتأثروا بحملات التضليل الإعلامية التي لم تكن تستهدف أمن واستقرار سورية فقط، وإنما كانت تستهدف أمن واستقرار الإقليم ككل.
لقد عاد العرب إلى سورية مع احتمال أن تعود جميع الدول العربية إلى افتتاح سفاراتها في دمشق خلال الأشهر القادمة، ولاسيما أن المملكة العربية السعودية قد أرسلت قبل أيام فريقاً دبلوماسياً وفنياً لوضع اللمسات الأخيرة على السفارة السعودية في دمشق وسط ترحيب الخارجية السورية وتعهداتها بتقديم كل التسهيلات الممكنة للأشقاء السعوديين في إكمال مساعيهم وفق ما تضمنه لقاء الوفد مع السيد (سوسان)معاون وزير الخارجية السوري.
وعلى اعتبار أن السعودية هي الرئيسة الحالية للقمة العربية ونظراً لثقلها الاقتصادي والسياسي والتي باتت شريكاً سياسياً للغرب في تصديها لحل الأزمات في المنطقة ودورها البارز في تبريد المواجهات العسكرية في السودان ونيتها بالتواصل مع أمريكا لإعادة نظر أمريكا والغرب بالعقوبات المفروضة على الشعب السوري وإنهاء حالة الظلم السياسي والاقتصادي الذي عانت منه سورية في سنوات الأزمة، وكذلك الحديث عن اتصالات ( مباشرة أو غير مباشرة)سورية أمريكية في مسقط واستمرار الجهود والاجتماعات لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق وغير ذلك الكثير على طريق الانفراج السياسي والذي من المفترض أن يؤدي إلى انفراج اقتصادي ينهي حالة الهلع التي لاتزال للأسف تعرقل الحياة الاقتصادية وإلى انخفاض غير مبرر لقيمة الليرة السورية أمام العملات الصعبة، مما يدعو للتساؤل وبإلحاح شديد لماذا لم ينعكس الانفراج السياسي على الاقتصاد؟.
لقد أدت الحرب الإرهابية على البلد والضغط السياسي والعقوبات الغربية والانكماش العربي إلى حالة من الهلع أدت إلى تراجع كبير على قيمة العملة المحلية دون أن يكون لذلك مايبرره اقتصادياً والآن يحصل العكس وسط مناخ سياسي مطمئن يجب أن يوقف تراجع صرف الليرة مهما كان ذلك التراجع ضئيلاً وأن نشهد حالة تحسن دائم لسعر الصرف ولو بنسب محدودة خاصة وأن إنتاجنا من السلع الغذائية في أحسن حالاته.
يبدو أن هناك حلقة مفقودة وعلى الحكومة أن ترتقي بالأداء بما يوازي الارتقاء بالأداء السياسي لأن الوضع الاقتصادي للشرائح الأوسع من الشعب السوري بات قاسياً وغير قابل للاحتمال.
لقد ضحى الشعب السوري بأغلى مايملك ولم يبخل بتقديم الدماء والأرواح لصد هذا العدوان الإرهابي الدولي، ولم ولن يبخل في تقديم كل ما تتطلبه معارك الشرف ليبقى وطنه عزيزاً كريماً ومن أبسط واجبات الحكومة أن توفر له الظروف المناسبة للعيش الكريم سواء من خلال تأمين فرص العمل أم بتحسين مستوى المعيشة وهذا أضعف الإيمان.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة