باحثة اجتماعية تدق ناقوس الخطر بشأن تطبيقات مشبوهة مقابل المال… محامي لـ«غلوبال»: غير قانونية ولم تسجل أي دعوى شخصية ضدها حتى اللحظة
خاص دمشق – بشرى كوسا
تحت مسميات مختلفة وبعيداً عن أي رقابة قانونية أو قيمية، يبدو أن هناك من يعمل على جعل الحاجة مبرراً لانتشار سوق النخاسة الإلكترونية في سورية، فبعد الانتشار الكبير للتطبيق الشهير “بيغو لايف”، ظهر تطبيق إلكتروني جديد في سورية يسمى سوجو.
ولمن لا يعلم، تطبيق “البيغو لايف” هو برنامج يعتمد على البث الحواري المباشر بشكل دائم، عن طريق مشاركة الأوقات الحيّة مع المتابعين، وهذا التطبيق يتبع لشركة سنغافورية تسمى “بيغو” ومن تطبيقاتها المماثلة “الآيمو” و”لايكي.
وتطبيق “سوجو” هو أحد أحدث البرامج التواصل الاجتماعي التي ظهرت مؤخراً في عام 2024، وأصبحت متاحة والتي يمكن تحميلها بسهولة على الهواتف المحمولة موصول بشركات تعمل من دول الجوار، لها وكلاء في سورية، يعتمد هذا البرنامج على الصوت والدردشة الكتابية، حيث يقوم الوكيل بتشكيل غرف صوتية على تطبيق الواتس آب للمشتركات، يتم وضع أغنيات مرافقة أثناء الدردشة، ويقوم العمل على تجميع نقاط “ماسة” وكلما جمعت المشتركة 5 آلاف ماسة يقابلها 1 دولار، ويتم تحويل المبالغ عبر شركات الحوالة المعروفة.
تقول أم ليا (اسم مستعار)، لـ«غلوبال»: انضممت إلى العمل في التطبيق قبل أيام فقط، بعد أن أخبرتني جارتي أن غالبية نساء وسيدات الحي الذي أسكن فيه يعملن فيه “ليطالعوا مصروفن” وفق تعبيرها، وحدد لها ساعات العمل اليومية “ليلاً” بنحو 4 إلى 5 ساعات، وتضيف: أقوم بالرد على الدردشات والتعارف لجمع نقاط ربح، لتحويل النقاط إلى أموال، ومع الوقت يتم تجميع الماسات وتتحول إلى هدايا.
وعموماً، لن تبذل الكثير من الجهد للبحث لمعرفة ما تريد عن “السوجو” إذ يكفي أن تكتب اسم التطبيق في محرك البحث لموقع (فيس بوك )، لتظهر لك الإعلانات تباعاً، والتي تروج للانضمام إليه بأنك ستربح الملايين شهرياً وإنت جالس في منزلك.
يقول حسام لـ«غلوبال»، أصبحت هذه التطبيقات الطريق الأسهل لحيازة الشهرة وحيازة المال في الوقت ذاته، ولكنها تطبيقات خطيرة جداً، تهدف إلى سرقة الوقت والعقول والطموح وإبعاد الناس عن سوق العمل الواقعي، واستسهال الحصول المال، دون مراعاة العامل الأخلاقي والاجتماعي، تحت ذريعة الحاجة والفقر.
وحول الرأي القانوني بهذه التطبيقات، أكد المحامي، عضو مجلس الشعب، عيد الصويص لـ«غلوبال» أن هذه التطبيقات محظورة من الناحية القانونية في سورية لانها تعمل خارج الاعتمادية السورية، فهي غير مرخصة، ولايوجد تشريع سوري يسمح بها، كما أنه مجرد دخول هذه المواقع يعد مخالفة قانونية.
وأضاف الصويص: في حال وجود ضرر مالي من هذه التطبيقات، فالقانون السوري يطالهم ويمكن محاسبتهم وفق قانون الجريمة المعلوماتية والاحتيال الإلكتروني رقم 20.
ويقوم المتضرر بتقديم طلب أمام الهيئة الناظمة لخدمات الشبكة لشرح واقعة التضرر من التطبيقات، وتقوم الهيئة بملاحقته قانونياً وتعرضه للحظر، إضافة لغرامة مالية كبيرة بمئات الملايين.
وكشف الصويص أنه حتى اليوم لم تسجل أي دعوى قضائية ضد هذه المواقع.
وأوضح صويص أنه تم إحداث قانون الهيئة الناظمة لخدمات الشبكة، في مجلس الشعب، ومن خلال دخولها في اتفاقيات قانونية مع الدول الأخرى في اعتماد التطبيقات الإلكترونية، وبالتالي يمكن ملاحقتها من الناحية القانونية والمالية بالغرامات.
بدورها، الدكتورة سمر حبيب علي، عضو هيئة تدريسية في المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية، وصفت لـ«غلوبال» ما يجري في هذه التطبيقات بالدعارة الإلكترونية، مضيفة أنها تطبيقات خطيرة جداً على الشباب المراهقين والقاصرين، لأنها تعرضهم لمشاهد وألفاظ غير مناسبة، وما يقدمه المشترك مقابل الحصول على المال يتنافى مع القيم والأخلاق والعادات في مجتمعنا، لذلك فهي تسبب مشكلات اجتماعية تنعكس سلباً على العلاقات الاسرية.
وأضافت علي: إن لها تأثيراً على المدى البعيد على بنية وتكوين الأسرة العربية باعتبارها مجتمعات محافظة لا تتقبل تطبيقات الكسب السريع والمشبوه، فهو كالسرقة والنصب والاحتيال ولكنه أسوأ منها كلها.
وأوضحت علي أن هذه الظاهرة السلبية من مفرزات العولمة بأسوأ أشكالها، وتهدد جيلاً كاملاً من الشباب يستصعب العمل والجهد لكسب المال المشروع، وبالتالي سيكون غير قادر على تأسيس أسرة متماسكة بعد أن يفقد قيمه وأخلاقه، وبالتالي الوصول الى جيل متفكك أخلاقياً لا يمكن الاعتماد عليه.
ويمكن تسميتها بتطبيقات “المتاجرة بالنفس” لذلك تحتاج إلى وعي كبير وتوعية للجميع بمخاطر وسلبيات الظاهرة، ودق ناقوس الخطر باعتبارها أصبحت منتشرة بشكل كبير، وطالبت علي برقابة قضائية وقانونية عليها كونها تؤدي لربح سريع مقابل خدمات مشبوهة (جنسية وإباحية).
طريقك الصحيح نحو الحقيقة