بمطرقة العدل الدولية… باب العقاب يُفتح و”إسرائيل” أمام جرائمها
خاص غلوبال – شادية إسبر
في جلسة استمرت ساعة واحدة في لاهاي بهولندا (الجمعة 26 كانون الثاني 2024) 17 قاضياً نظروا في دعوى الإبادة الجماعية التي أقامتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، وخرج القضاة بقرار وُصف بالتاريخي، كونها المرة الأولى منذ إقامة الكيان الغاصب بأرض فلسطين، تقف “إسرائيل” أمام جرائمها، وتسقط كل ادعاءاتها ومزاعمها وتبريراتها لمجازرها الوحشية في حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة منذ نحو أربعة أشهر.
أبقت المحكمة على الدعوى حية، ورفضت طلب إسرائيل بردها، وخلال مداولات الستين دقيقة فرضت المحكمة ستة تدابير مؤقتة فورية، حظيت بتأييد واسع بين القضاة الـ 17، على إسرائيل أن تنفذها، لمنع الأفعال المحظورة بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وضمان توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة لقطاع غزة بشكل فوري.
صحيح أن المحكمة لم تصل إلى حد الأمر بوقف إطلاق النار في غزة، كما طلبت جنوب إفريقيا في دعواها، لكن التدابير الستة التي فرضتها، تحمل جميعها هذا المعنى، إذ لا يمكن للاحتلال الإسرائيلي تطبيق أي من التدابير المؤقتة العاجلة إلا بوقف مجازره في حرب الإبادة التي يشنها، وخاصة أن “إسرائيل” مطالَبة وفق قرار العدل الدولية بتقديم تقرير حول استجابتها للتدابير خلال شهر من تاريخ صدور القرار، فكيف ستلتزم؟ وهي الخارجة عن الشرعية الدولية في كل ما تقوم به، وغير الملتزمة بأي قرار دولي صدر بحقها.
سقطت مزاعم “الدفاع عن النفس”، الأكذوبة الإسرائيلية الأمريكية باتت سياسة بالية ودعاية مفضوحة لا تغطي هول الفظائع المرتكبة، فشلت إسرائيل بتقديم أي دليل مقنع للمحكمة، قدمت أكاذيب وروايات للقضاة الذين قيّموا بموضوعية ما بين أيديهم من حقائق، وخرجوا بحكم يعلن بداية نهاية حقبة الإفلات من العقاب التي استغلها إسرائيل على مدى عقود، منذ إقامتها على أرض فلسطين أربعينيات القرن الماضي، في عدوانها على الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، وجرائمها التي تتفنن في ارتكابها، وابتكار المزيد منها، وبمطرقة المحكمة فُتح الباب أمام المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال كي يوقف عدوانه، ثم الانتقال إلى محاسبته على جرائمه.
هنا يأتي دور الأطراف الأخرى في اتفاقية منع الإبادة الجماعية، والإجراء القادم للمحكمة بعد قبولها الدعوى، يتمثل في النظر بلب الموضوع المتمثل بالإبادة الجماعية، كما يأتي دور المنظمات والهيئات الدولية التي تمتلك صلاحيات الإلزام، ولديها أدوات التنفيذ على الأرض كمجلس الأمن وفصله السابع، ومن هنا تأتي أهمية ما دعت إليه وزيرة خارجية جنوب إفريقيا ناليدي باندور خلال مؤتمرها الصحفي في لاهاي عقب صدور قرار المحكمة، حيث دعت “الدول التي تدعم إسرائيل إلى إلزامها بالقانون الدولي”، فهل تستجيب الولايات المتحدة وهي المظلة التي تحمي إسرائيل بالفيتو في فلتانها من القانون الدولي؟! وكيف وواشنطن اليوم شريك فعلي لتل أبيب في جريمة الإبادة المرتكبة في قطاع غزة (موضوع الدعوى)؟.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة