تجار كالمنشار والمستهلك “دليلو احتار”
خاص غلوبال – زهير المحمد
كثيرون يتحيرون من حساسية الأسواق في سورية فهي سريعة التأثر بأي حدث عالمي سواء كان يتعلق بالكوارث أم الحروب أو الأزمات وحتى عندما تستدعي الدول سفراءها للتباحث في أمر ما، وكأن أسواقنا من الزجاج الهش سريع العطب، فالمستهلك دفع من لقمة عيشة تبعات وباء كورونا وعقوبات قيصر الظالمة وحرب أوكرانيا، وتعكر العلاقات الفرنسية مع النيجر وتبعات زلزالنا وزلازل تركيا والمغرب واليابان، وحتى تبعات فيضانات ليبيا وتوتر العلاقات بين أمريكا والصين، وأزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا.
والآن بدأ تجارنا يعدون العدة لفرض أسعار جديدة كانعكاس لما يجري للملاحة في البحر الأحمر، علماً أن السفن التي تشحن لنا البضائع في أمن وأمان وحتى السلع التي تصلنا جواً أو براً لها حسابات خاصة لدى مستوردينا ومصدرينا.
أحياناً أعذرهم كما يعذرهم غيري على اعتبار أن العالم في ظل العولمة تحول إلى قرية صغيرة تصيبها كل التقلبات الأمنية والسياسية والاقتصادية، كل هذا فهمناه وبلعناه على الريق، لكن ما لم نستطع بلعه أن تجارنا لم يتأثروا بأي انفراج سياسي أو اقتصادي حققته سورية خلا الأشهر الماضية، حيث توقعنا أن الانفتاح العربي على سورية والحضور الفاعل لها في مؤتمر القمة سيلعن لحية أبو الدولار ويخفض الأسعار وخاصة أسعار النفط.
قبل انتهاء مؤتمر القمة وقبل أن ننتشي بأجوائه الإيجابية تم رفع قيمة الصرف وانخفضت قيمة الليرة، وبعد أشهر قليلة تضاعفت أسعار النفط وأسعار المنتجات المحلية والمستوردة، وبعد توقيع الشراكة الاستراتيجية مع الصين تابعت السلع ارتفاعها، وقبل أن تلد الأغنام طليانها صدروا الخراف، وهي في بطن أمهاتها أو بالأصح تعاقدوا على تصديرها.
تم فتح السفارة السورية في السعودية وباشر السفير السوري مهامه في الرياض وتم تأهيل السفارة السعودية في دمشق، والإمارات رفعت تمثيلها الدبلوماسي مع سورية إلى مرتبة سفير، لكن ذلك لم يترجم اقتصادياً لصالح المستهلك السوري، بل زادت معاناته بسبب المناخ الإيجابي في العلاقات السورية العربية الذي استغله التجار لتفريغ السوق من منتجاتنا وتصديرها، وبات المواطن يتفرج على ماتبقى من سلعنا دون أن تكون له القدرة على شراء كيلو رمان أو تفاح أو أجاص أو دراق.
بالتأكيد هي شطارة من تجارنا عندما يرفعون سعر الشاي إذا مرض أحد مزارعيها في سيلان وكذلك الرز والسكر والبن، لكن لماذا لانلمس شطارتهم إلا باتجاه واحد يغرق خزائنهم الأموال، ويفرغ جيوب المستهلكين ويترك بطونهم خاوية.
نأمل أن يكون التأثر بالأحداث باتجاهين، لعل المستهلك يشعر بأن أحداث الكون الإيجابية والسلبية ليست وبالاً على حياته المعكرة بتفكير وممارسات التجار الذين أدمنوا الاصطياد في المياه العكرة.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة