تحضيرات حكومية بنكهة تفاؤلية
خاص غلوبال – سامي عيسى
مع نهاية العام بكل سلبياته الواسعة، وإيجابياته المحدودة وخاصة على صعيد معيشة الناس، ودخولنا في عام جديد، بدأت الحكومة السورية والوزارات والجهات التابعة بمرحلة التحضير للعام الجديد بإجراءات علها تستطيع الخروج بها من عنق الزجاجة التي فرضتها ظروف الحرب والحصار، وغيرها من تأثيرات سلبية على الواقع الإنتاجي والخدمي سمح بتراجع الموارد وشح الإمكانات، وتنفيذ فرضية التعامل وفق المتاح والإمكانات المتوافرة التي بدورها لم تلب سوى القليل من الحاجة.
لكن كل ذلك لم يمنع الجهاز الحكومي من البدء بعملية التحضير واتخاذ قرارات “اللاعودة إلى الوراء” وإعداد الخطط ورسم الاستراتيجيات التي من شأنها ملامسة الواقع المعاشي للمواطنين من جهة والجوانب المتعلقة بالبنية الاقتصادية والخدمية والمرافق العامة التي تؤمن قوة واستقرار الاقتصاد الوطني، بكل مقوماته ومكوناته المادية والاجتماعية من جهة أخرى.
منطلقين في وضع هذه الخطط على المقدرات المتوافرة، وما يمكن تحقيقه على يد الجيش العربي السوري من استعادة للموارد المنهوبة من قبل الاحتلاليين “الأمريكي والتركي” وأدواتهم في مناطق الموارد والإنتاج الرئيسية، والبناء على ذلك وفق رؤية واضحة وصريحة، قوامها الاعتماد على الإمكانات المادية والطاقات البشرية المتوافرة، والتي مازالت تعمل ضمن آلية العمل الحكومي، بالتعاون مع فعاليات القطاع الخاص لتكوين خارطة اقتصادية أساسها ” الإنتاج والخدمات” وتسمح بتأمين أكبر قدر ممكن من حاجة الدولة والمواطنين على السواء.
لكن ما يجعلنا قلقين جداً في رسم هذه الاستراتيجيات، ما وصلت إليه الوظيفة العامة من انحدار شكل خطورة كبيرة، رغم كل ما تقوم به وزارة التنمية للتعويض، والخروج بمعادلات جديدة تحمل محفزات ومغريات ترفع من شأنها، وتعيد ترسيخ مفاهيم قابلة للتطبيق، يتم من خلالها ترسيخ المفاهيم الوطنية للوظيفة العامة، التي اعتراها الكثير من التشوه بفعل الحرب الكونية وتأثيراتها على الواقع الاقتصادي والاجتماعي وحتى السلوك العام للأفراد، وحالة الترهل الوظيفي التي أوجدتها الأزمة، ودخول مفاهيم لا تخدم العملية الإنتاجية والخدمية في القطاعات الحكومية وغيرها، بقدر ما تخدم أصحابها، تتمثل في أنا الذات، وشخصنة الوظيفة إلى حدود المنفعة غير المضبوطة، والأخطر استغلال مواقع الادارة، والتحامل على الكفاءات وأهل الخبرة واستبعادها عن مواقع العمل بحجج لا تحمل المصداقية، بقدر ما تحمل الخطورة على أهل الفساد والمنتفعين، والبارعين في التلاعب وتفسير القوانين والقرارات واستغلال الثغرات فيها.
وبالتالي الاستراتيجيات والخطط التي وضعتها الحكومة ممثلة بالوزارات والجهات العامة، لم تأخذ بعين الاعتبار معالجة تلك الظواهر بالجدية المطلوبة، والمصداقية في الترجمة، بالتأكيد ذاهبون إلى مستنقع “التهميش من جديد” وتبقى حسابات المصلحة هي جوهر الكثير من القرارات، والأخطر تبني إدارات فارغة غير قادرة على قيادة جزئية العمل ضمن كلية النشاط الحكومي، الأمر الذي يعيدنا إلى الوراء بحسابات نجهل عواقبها، وإن باتت ظاهرة بعض الشيء.
لكن التصريحات الحكومية تعطينا القليل من التفاؤل، مع جرعة أمل يحلم من خلالها كل مواطن سوري الخروج من أزماته نحو واقع أفضل، فهل يا ترى سنشهد إمكانية الترجمة والتنفيذ، ويبقى الأمل والتفاؤل رصيدنا إلى قادمات الأيام..؟!
بانتظار ما يحمله لنا هذا التفاؤل مع دخول عامنا الجديد.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة