خبر عاجل
هل باتت الحلاقة من الكماليات ودخلت في بازار “الفشخرة”… رئيس جمعية المزينين بدمشق لـ«غلوبال»: التسعيرة الجديدة عادلة تركة ثقيلة وحياة المواطن على المحك! الركود يهزم الأسواق وانخفاض في كميات الإنتاج… الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان لـ«غلوبال»: العزوف عن الشراء ساهم في ثبات الأسعار محمد خير الجراح: “الأعمال التركية المُعرّبة حلوة بس مافيها روح” ماس كهربائي يودي بحياة أم وابنتها بقرية كفرفو بطرطوس… رئيس بلدية الصفصافة لـ«غلوبال»: حين وصول الإطفائية كانتا في حالة اختناق إرهابٌ سيبراني متصاعد لإبادة المدنيين مناقشةتحضيرات الموسم الجديد… رئيس دائرة التخطيط بزراعة الحسكة لـ«غلوبال»: الموافقة على عدد من المقترحات للتسهيل على الفلاح وزارة الخارجية والمغتربين تدين الاعتداء الصهيوني على الضاحية الجنوبية في لبنان جهود لحفظ الملكيات وتسهيل الرجوع إليها… مدير المصالح العقارية بحماة لـ«غلوبال»: بعد إنجاز أتمتة سجلات المدينة البدء بأتمتة المناطق عبر شبكة “pdn” تعديل شروط تركيب منظومات الطاقة الشمسية في دمشق… خبير لـ«غلوبال»: على البلديات تنظيم الشروط والمخططات ووضع معايير بيئية وجمالية
تاريخ اليوم
خبر عاجل | محلي | نيوز

تسليع المرأة هوس التجميل في زمن الحرب!


خاص غلوبال – شادية اسبر


بجولة في شوارع المدينة والأرياف، أدقق بأشكال ركاب المواصلات العامة والخاصة، الصبايا والسيدات، أبحث في مواقع التواصل الاجتماعي عن صور المشاهير والعامة منهن، وأسمع أحاديثهن في الصالونات وأماكن العمل، ينقل لي البعض ما يدور في عيادات التجميل، والجامعات، في مدارس الإعدادية منها والثانوية، لنجد قاسماً مشتركاً هو “جديد عمليات التجميل”، بدءاً من الأنف الصغير المرفوع “الفرنسي”، إلى ” تاتو حواجب الطيارة”، فـ “عيون القطة”، و”شفايف البطة”، والكراسي “خدود نانسي”، وصولاً إلى نحت الجسم “ساعة رملية”.


“مجتمع نسوي” بنسخة واحدة ليست طبق الأصل، هذا ما نجده، كل النساء تتشابهن باختلاف أشكالهن الأصلية، مع غزو هوس الموضة عقولهن، وللأمانة يجب أن نقول: غالبيتهن.
سابقاً كان التركيز في تغيير الملامح على المكياج، والملابس، والحشوات، والوصلات، وكان يقتصر على الممثلات، والفنانات، والمذيعات، والعارضات، و”الموديليز”، مهنٌ تتطلب هكذا تغيير شكلي كما كان سائداً في السابق، لكن الغريب أن تغزو هذه الأفكار عقول مجتمع النساء من مراحل عمرية صغيرة إلى متأخرة، وفي مختلف الطبقات والفئات والمجتمعات، فهوس التجميل لا يقتصر اليوم على مهنة، أو عمر، أو بيئة، أو مستوى تعليمي.


الأغرب من كل هذا وذاك، أن ينمو هذا الهوس في زمن الحرب، وتحت الضغط الاقتصادي الهائل الذي طال لقمة العيش لشريحة واسعة من السوريين، إذ غير مفهوم أن تجد عيادات جرّاحي التجميل تعجّ بمواعيد لأشهر قادمة، رغم أن تكلفة عملية واحدة مما ذكرناه سابقاً تبدأ من مئات الألوف لتصل الملايين، وبعض الأطباء يطلبون دفع التكاليف بالعملات الأجنبية. هنا ربما يقول قائل يعيش في عالمه، إن الأمر مقتصر على بنات وزوجات وصديقات الطبقة المخملية وأثرياء الحرب، وهذا منطقياً، لكن الواقع غير هذا.


في محيطنا الضيق كأصحاب دخل محدود، نرى سيدات يقترضن من البنك، أو يبعن قطعة مصاغ ذهبي، أو ينظمن “جمعية” يرتهن لها الراتب أشهراً عدة، على حساب المأكل والملبس والتعليم، لإجراء تجميل لهن أو لبناتهن في أعمار مبكرة، استجابة لرغبة باتت فيها هذه الأشياء جزء من حقوقهن وفق المفهوم الرائج!


حربٌ، وضغطٌ اقتصادي هائل، وانهيارٌ معيشي متدحرج، وتكاليف منفلتة من عقالها ترتفع جنونياً، وسط هذا لا أحد يجد تفسيراً منطقياً لهوس التجميل سوى وضعه في إطار تآكل الوعي حتى العدم، وتسطيح العقول حد التلاشي، و”تسليع المرأة” لدرجة وصلنا فيها إلى إعادة تشكيل “خلقتنا”، بمبضع جرّاح، لنكون جزءاً من قطيع الجميلات، اللواتي صنعن في قالب واحد، على مقاس أذواق ما يسمونها “الموضة”، أن نتناسخ وجه ممثلة ما، أو حتى شخصية كرتونية، “نفخ” قد ينفجر في وجه ذواتنا، فيشوهنا، لدرجة ننسى فيها شكلنا الأصلي، لنصبح نسخة ليست طبق الأصل عن أنفسنا، وسط تفشي ضياع الحقيقية.


وللأمانة، لم يعد يقتصر الأمر على الفتيات، بل دخل الشباب عالم التجميل بقوة خلال الفترة الماضية، ليسوا كممتهنين، بل كزبائن، ومع انتشار هذه الظاهرة، باتت سوقاً موازياً، حيث انتشرت محلات إجراء عمليات التجميل “الحقن بالبوتكس والفيلر والميزو”، خارج المجال الطبي التخصصي، وهو الأمر الخطير الآخر في هذا المجال، لنرى النتائج كارثية في أحوال كثيرة، والاستغلال التجاري بات في أوج ازدهاره.


في الماضي كان البحث عن التفرد، وكانت العبارة الدارجة في التعليق على جمال فتاة أو سيدة هي “الله خلقها وكسر القالب”، لنصبح اليوم نراهن فنقول: “عند نفس الدكتور”، فمن دفعنا بهذه القوة باتجاه التسطح العقلي، والسعي للتشابه إلى درجة الاستنساخ، لنكون قطيعاً حتى في أشكالنا؟ ومن سيقف بوجه هذا الغزو الذي جعلنا غرباء عن ذواتنا أمام مرايانا؟

طريقك الصحيح نحو الحقيقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *