تصعيدها يهدد هيمنتها…قوات واشنطن بين إخلاء وزيادة عديد!
خاص غلوبال – شادية إسبر
تعيش المنطقة سيناريو معقداً للغاية في مرحلة تعتبر من أخطر وأهم المراحل للصراعات فيها، وبين ما يتم التصريح به وما يجري على الأرض، هوة واسعة لا يمكن ردمها بأخبار وتحليلات وتكهنات، حيث كُسرت قواعد الاشتباك، واختلطت الأوراق بل تبعثرت، ليترك الجميع الأبواب مفتوحة على كل الاحتمالات والخيارات.
في جزئية مفصلية من مشهد المنطقة، تواجد القوات الأمريكية في سورية والعراق، هذا التواجد الاحتلالي في سورية منذ يومه الأول، والفاقد للشرعية في العراق منذ أربع سنوات بقرار البرلمان العراقي وتأكيدات حكومة بغداد عشرات المرات بوجوب رحيل “التحالف الدولي”، حيث بات ” انتهاء مهمة القوات الأجنبية ضرورة لأمن واستقرار البلاد”، وفق ما يجدد التأكيد عليه في كل مرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وآخر تصريح له بهذا الخصوص يوم الخميس 18/1/2024 خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
وسط هذا، تأتي أنباء متضاربة بشأن “اعتزام الولايات المتحدة الأمريكية إرسال 1500 جندي إلى قواعدها العسكرية في سورية والعراق”، حيث أوردت الخبر شبكة (سي بي إس نيوز) الأمريكية، وأكدت “انضمام هؤلاء إلى أحد ألوية المشاة التابعة للحرس الوطني التابع لجيش نيوجيرزي، إلى عملية العزم الصلب”، دون أي تعليق رسمي حول الخبر.
داخل الأروقة الأمريكية، في المؤسسات والتيارات الأحزاب، تجاذبات سياسية بشأن التواجد العسكري في سورية والعراق، الحديث حول الشرعية والجدوى الاقتصادية والأمنية والفواتير الباهظة وغيرها من التفاصيل، أوراق بيد اللاعبين السياسيين، ومراكز الثقل وشركات العلاقات العامة الكبرى التي تدير العمليات الانتخابية، وأكثر ما يتم اللعب بها خلال فترة الانتخابات الرئاسية، ما يعني أن خبر إرسال قوات إضافية جاء بهذا الإطار.
وبين تأكيد إعلامي وصمت رسمي، نقلت وسائل إعلام عن مصادر مطلعة من واشنطن (دون ذكر هويتها) أن “إدارة الرئيس جو بايدن ليست بوارد زيادة عدد جنودها في المنطقة”، لتكمل الشرح مصادر عسكرية (مبهمة أيضاً) بأن ” مهمة الدفعة الجديدة التي تحدثت عنها شبكة سي بي إس نيوز هي تبديل القوات الأمريكية المنتشرة”.
ومع تأكيد الاستطلاعات أن الرأي العام الأمريكي يعارض مشاركة أمريكية مباشرة في تطورات المنطقة، يبدو في الحسابات الانتخابية لا يمكن لإدارة بايدن الإعلان عن إرسال قوات إضافية، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني 2024، بينما تقف تلك الإدارة أمام ضغط عسكري تفرضه حركات المقاومة التي تستهدف يومياً ــ منذ بدء العدوان الإسرائيلي الأمريكي على غزة ــ القواعد الأمريكية الاحتلالية في سورية والعراق وتحقق فيها إصابات مؤكدة، وقد كشفت مصادر إعلامية بتاريخ 17 /1/ 2024 أن القوات الأمريكية قامت بإخلاء قاعدتها العسكرية في قرية “هيمو” غربي مدينة القامشلي، وذلك بعد أيام من تعرضها لهجوم نفذته فصائل المقاومة في العراق، وهو تطور مهم لا يقل أهمية عن نبأ عزم واشنطن زيادة عديد قواتها، لكن الخبرين يتعارضان باتجاه الحركة من المنطقة و إليها.
و”هيمو” الواقعة شمال الحسكة كانت إلى وقت قريب مركزاً لنحو 350 جندياً أمريكياً، وبمثابة ساحة تدريب لميليشيا “قسد” المدعومة أمريكياً، ما يمكن وصفه بمنعطف جيوسياسي للهيمنة الأمريكية العسكرية في المنطقة؛ التي تشهد تسخيناً لا يمكن التنبؤ بتوقيت وصوله إلى مرحلة الغليان وانفجار الأوضاع، حيث مازال يصعب على واشنطن تقدير تبعات هكذا انفجار إن حصل، وهي الساعية إلى تصعيد تبديه عملياً بمشاركتها الكيان الإسرائيلي في العدوان على غزة، وتوسيعها رقعة الحرب بعدوانها على اليمن، وإطلاق يد “إسرائيل” في تنفيذ اغتيالات في سورية ولبنان، مع حمايتها في المحافل الدولية من أي مساءلة عن جرائمها الوحشية، وفي الوقت ذاته تحاول أن تظهر جهوداً خلبية لنزع فتيل أي تصعيد أو توسيع، ما يعني أنها تعلم يقيناً أن إقدامها على المزيد سيؤدي إلى زوال هيمنتها في المنطقة.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة