تعاقب “إسرائيل” بمساعدات عسكرية ودولارية

خاص غلوبال – محي الدين المحمد

تصريحات متناقضة ولا تمتُّ للحقيقة بصلة يطلقها أركان الإدارة الأمريكية، فيما يحاول البيت الأبيض أن يطلي مواقفه السوداء بطلاء أبيض، والتدرّج في تسويق الأكاذيب المفعمة بالإنسانية المزيفة ليصوروا للرأي العام الداخلي والدولي أن أمريكا تحرص على المبادئ الإنسانية، وتحترم قوانين الحرب، ولا تبيع أسلحتها المدمرة للدول والكيانات التي لا تحترم قوانين الحرب حتى لو كانت ربيبتها المدللة “إسرائيل”.

ولعل ما يدعو للسخرية أن واشنطن قد أعلنت عن إجراء تحقيق حول عدم احترام “إسرائيل” لقوانين الحرب في غزة، لتمنع عنها السلاح إن تأكدت من ذلك، وهذا التصريح جاء متزامناً مع موافقة مبدئية لتقديم مساعدات عينية لـ”إسرائيل” تتجاوز خمسة عشر مليار دولار، وربما تكون هذه المساعدة (أحد أهم العقوبات المحتملة لإسرائيل) التي قتلت الطفلة الفلسطينية هند رجب، حيث اعتبر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية هذه الحادثة أمراً مفجعاً، وطلب من “إسرائيل” فتح تحقيق عاجل، أما المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي جون كيربي فقد اكتشف أن غالبية الضحايا في غزة هم من المدنيين الأبرياء، زاعماً أن البيت يسعى لخفض أعداد الضحايا المدنيين ليكمل بايدن الهمروجة، داعياً إلى هدنة لستة أسابيع، مطالباً بأن لا تبدأ “إسرائيل” العملية العسكرية في رفح إلا بعد وضع خطة لتحييد المدنيين، رغم يقينه بأن “إسرائيل” لم ولن تحفل بسلامة المدنيين.

وفي زحمة هذه الخلطة الإنسانية المزيفة الممزوجة بدماء الأبرياء، وزحمة الاغتيالات التي تنفذها أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل” في فلسطين ولبنان وسورية والعراق واليمن، يطل إيريك برنس صاحب السجل الأسود مؤسس شركة المرتزقة “بلاك ووتر” التي اكتسبت شهرة عالمية في الإجرام خلال وبعد غزو العراق، وتحت الراية الإجرامية الأمريكية ليدعو أمريكا لاستعمار دول وصفها بالعاجزة.

كل هذه التناقضات تؤكد أن أمريكا لا تريد إلا ذرّ الرماد في العيون لإعمائها عن رؤية نتائج الحرب القذرة في غزة والمنطقة، وتشارك فيها بكل ما تملكه من وسائل عسكرية وسياسية واقتصادية، وترى بأن أقصى ما يمكن أن تهدّأ فيه روع الغضب العالمي هو التوصّل لهدنة الأسابيع الستة وتبادل الأسرى، وبعد أن تصل “إسرائيل” المليارات من الدولارات الأمريكية والأسلحة والقذائف الأمريكية الكفيلة بتدمير ما تبقى من قطاع غزة خلال الهدنة الموعودة، ربما تظهر نتائج التحقيق الإسرائيلي بمقتل الطفلة مع صك براءة لقاتليها وقاتلي آلاف الأطفال، وتظهر نتائج تقويم الخارجية الأمريكية لاستخدام “إسرائيل” للأسلحة الأمريكية بأنها وإن خالفت قوانين الحرب، فإنها بكل تأكيد تتوافق مع تاريخ الإبادات التي مارسها الأمريكان ضدّ سكان أمريكا الأصليين وفي القارة نفسها وضدّ اليابان وأفغانستان والعراق وغيرها من البلدان.

طريقك الصحيح نحو الحقيقة