تغيير مثير للجدل..!
![](https://globalsy.net/wp-content/uploads/2023/10/IMG-20231028-WA0003.jpg)
خاص غلوبال – سامي عيسى
ما يثير القلق في التغييرات الإدارية وحتى السلوك الإداري في كافة جبهات العمل، هو أن معظمها لا يحمل صفة التغيير بقدر ما يحمل تبديل صور، بغض النظر ما تحمله هذه الصور من خبرات وكفاءات، وعلم ودراية بمفاصل العمل، ليس على مستوى العمل في الجهات العامة فحسب، بل حتى القطاعات الخاصة التي تنتهج نفس السلوك والطريقة في الأداء..!.
والمشكلة هنا تكمن في طريقة التعاطي مع حالات التغيير، والآلية المتبعة في التقييم، والأخطر المزاجية الإدارية التي يتصرف بها الخلف في الموقع الإداري عن سلفه، فالخلف لا يعجبه أداء وإنجازات سلفه، فيضرب عرض الحائط غالبية الإنجاز، “ليس مهماً صح أم خطأ” بل المهم يعيد خلط الأوراق ويعيد الترتيب من جديد ويفرض سياسة جديدة للعمل، ويبني استراتيجية تتناسب مع فكره ومكونه العقلي لكنها تبدأ من الصفر، ويعيد معها كل تفاصيل العمل إليها مع خسارة للوقت والجهد والمال، وهذا ما يحدث في كثير من مواقع العمل، وهذه حالات متكررة منذ عقود ألفناها، وتعودنا عليها في تطبيق الفكر الإداري الذي لم يستطع حتى تاريخه مجاراة ما حدث من تطور في الأداء الإداري، الذي غالباً ما يخدم الحالة الإنتاجية والاجتماعية بالدرجة الأولى.
والذي يثير الجدل أكثر خلال رسم الاستراتيجيات لتطوير الأداء على المستويين الاداري والإنتاجي، تجاهل قضايا تستحق أن نقول عنها “خطرة” وهي في غاية الأهمية، منها على سبيل المثال: توفير البيئة المناسبة لإعادة ترسيخ مفاهيم الوظيفة العامة التي تخدم الصالح العام بالصورة المثلى، والتي تحمل في جوهرها حالة الانتماء، وتكرس مفهوم حب العمل، الذي فقدنا الكثير منه خلال سنوات الأزمة الحالية، واقتصر الأمر في “غالبيته” على التفكير المادي نتيجة حالات الضغط المعيشية التي أفرزتها سنوات الحرب الكونية، وما رافقها من أزمات مادية وإنسانية وحتى الأخلاقية، تركت آثاراً سلبية على الوظيفة في القطاعين العام والخاص، لكن أخطرها في العام لأسباب كثيرة، أهمها دخول مفاهيم لا تخدم العملية الإنتاجية والخدمية في كثير من القطاعات، منها على سبيل المثال: ظاهرة الأنا وانتشارها بسرعة في القطاعات الإنتاجية وشخصنة الوظيفة، والبحث عن مبررات لسرقة المال العام، تحت مسميات مختلفة تفرضها بعض ثغرات القوانين وحجج محكومة بواقع الأزمة، يقابلها تراجع في مستوى الأداء للجهات الرقابية وانتشار صور جديدة للفساد يحميه الترهل الإداري واستغلال مواقع العمل للتشويش على المسؤولية الوظيفية، والأخطر حالة الالتزام الأخلاقي في العمل معظمها تبخرت بفعل المصالح الشخصية والتفكير بمادية الأداء.
على الرغم من ذلك ما تحدثنا عنه هو خطورة كبيرة، لكن “مقدور عليها بشوية إجراءات” لكن الخطر الأكبر الذي يهدد وجودية القطاع العام هو حالات التغيير والأسلوب الإداري الذي يمارس اليوم في استبعاد الكفاءات والخبرات على اختلافها وتنوعها، وإفراغ القطاعات الإنتاجية والخدمية من مكونها الإداري الأساسي في ظل غياب تام عن توفير المناسب من جهة، وهروب غالبية هذه الكفاءات إلى الخارج بفعل الأزمة وسلبياتها، وخاصة على المستوى المادي والمعيشي، وفتح الباب أمام إدارات معظمها ضعيفة في الأداء والخبرة.
وهذا الأمر يثير الكثير من القلق على المستوى العام والخاص، لأن الواقع الإداري في تراجع بفقدانه لخبرات يمكن الاستفادة منها في مواقع جديدة، لكن المسار الزمني أنهى مسيرة الكثير منها ووضعها ضمن جدران المنازل، ولاسيما أن معظمها مازال في قمة العطاء، فالمسار الزمني لايخدم طبيعة المرحلة، وما يخدم هو الأسلوب الإداري الذي يحاول الاستفادة من مكوناته المختلفة لتطوير الأداء الإنتاجي والإداري، بغض النظر عن سنوات الخدمة.
نحن مع التغيير وسياسة تبديل المواقع للإدارات التي أثبتت الكفاءة والجدارة في الأداء، وضد الإدارات التي شخصنت الوظيفة، لكن للأسف “الأخيرة” صاحبة الحظ الأوفر في البقاء، وحسابات الحقل لا تتفق مع البيدر وهنا “بيت القصيد”..؟!.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة