ثمانية أشهر لم تكفِ لاختيار مدير…!
خاص غلوبال – هني الحمدان
الفساد وما أدراك ما الفساد، إنّه نهبٌ لأموال ومقدرات الدول وشعوبها، مصنعٌ لإنتاج الفقر والجوع وانتشار الأوبئة الاجتماعية، وما يلحقه من خراب لمنشآت الدولة ومقوّمات عملها، ودمار في النفوس، ويضع الشخصيات الساقطة الوضيعة في المقدمة، والأشخاص الأكفّاء مبعدون وفي الزوايا قابعون.
من يسطو و يمارس الفساد سلوكاً وعملاً كثرٌ في أيامنا هذه، و الأنكى أن هناك شخصيات من تصنيف الشخصيات الاعتبارية، والتي جاءت ممثّلة للمواطن وترفع راية حمايته، هي من تسلك طرق الفساد، تشتري وتبيع، تقرب وتبعد، تخفي وتشوّه، تقترح وترشّح أسماء بمدى تقرّبها من الإدارات المعنية لشغل بعض المناصب بأسلوب الدفع وليس غيره،ما يحصل من فساد طال كل شيء، وكل مرفق وإدارة لم يعد من قدرة على معالجته.
قبل الخوض في بعض التفاصيل، أشير إلى أن محاربة الفساد لم تعد تجدي نفعاً، هي ليست بمبادرات وقرارات وأغانٍ وأهازيج، إنها إرادة عامة تكرّس قوة القانون لكل الجهات المعنية بالكشف عن الإساءات والارتكابات وما تقوم به بعض الإدارات من فظائع يومياً.
فلماذا تغمض بعض الوزارات أعينها عن إساءات في بعض المؤسسات الخدمية، برغم وجود كتب رسمية تشير إلى وجود خلل بحقّ بعض المديرين،ووجود هدر وضياع تجهيزات بملايين الليرات السورية، مستودعات لم تصلها لجان الجرد ولاأعين المتابعة والتدقيق، تجهيزات وآلات لصالح المؤسسة الخدمية تم بيعها للقطاع الخاص في وضح النهار، وبعض الجهات المشرفة على أداء عمل المؤسسات شريكة في التستّر على ما يحصل، وكل ما فعلته حماية للمدير وبعض المديرين الذين يدفعون الرشا، وفوق ذلك تقوم بترشيح أسماء لشغل منصب المدير لشخص فاسد، بحقّه كتب رسمية صادرة بوجود إساءات لجو العمل.
فساد ممنهج، والمرارة تكون عندما تصرّ الجهة التي من الواجب أن تؤدي عملها بالإشراف والمتابعة وترشيح أسماء لانتقاء شخص يتمتع بالنزاهة والكفاءة، تقوم بالدفاع عن فاسد أو ترتبط معه بعلاقات مشبوهة وسجلّه ليس ناصعاً، فهل من المعقول أن تبقى مؤسسة طيلة ثمانية أشهر بلا إدارة، والسبب يكمن بالترشيحات الخاطئة وغير النظيفة لشغل موقع مدير، فكل جهة تتبنى شخصاً، بعيداً عن أسس الترشيح الصحيحة للأشخاص النّظيفين.
لا أحد مهتم أو مقتنع بمعالجات الفساد، بل على العكس، المواطن اليوم أكثر قناعة بأن الفساد معشّش وبقوة، ومعالجاته قاصرة، ومخطىء من يظن أن المعالجة قائمة ورفاهية المواطن ستتحقّق، والشخص النزيه سيكون في المقدمة، أيّ من كلّ ذلك لم ولن يتحقق مادامت بعض المؤسسات والإدارات تدار بذات الذهنية وذات الأدوات، فالحقائق والواقع أقوى من كل الأكاذيب والتسويف، إدارات وجهات معنية بالترشيح تدّعي أنها تحارب الفساد وتنتقي الأشخاص المخلصين النظيفين، وهي ليست كذلك طبعاً، فالكل غارق في الفساد، بما في ذلك جهات معنيّة تشرف على الأداء وتنفيذ الأعمال.
ألا تكفي مدة ثمانية أشهر لاختيار مدير، ولماذا كل هذا الإهمال والفساد المتعمّد من أجل كسب ”الإكرامية“وإلى متى تبقى بعض مؤسساتنا رهن الولاء والتملّق والتزلّف و”التسحيج“أهم من الخبرات والكفاءات والنزاهة، ولماذا تسمح الحكومة لبعض الجهات الخفيّة أن تحرّك بعض الإجراءات بالتحكم الإلكتروني عن بعد، ومن منظور خاطئ ولمآرب خاصة “منفعية”، وأثبتت الوقائع أخطاءها في أكثر من مكان..؟!
محاربة الفساد يجب أن تكون نهجاً دائماً، وهذا يتطلب نسف النهج السائد، ولاسيما عند اختيار الأشخاص لشغل مناصب ومسؤوليات، من أصغر مرفق إلى أعلى مسؤولية، لا أحد مهتمّ سوى بمدى تحقيق المنفعة الشخصية قبل أي هدف، فالتغوّل في الفساد صار مسألة خطرة، يجب عدم السكوت عنها مطلقاً، وهذه الآفة لا شك أوصلت العباد إلى الدرك الأسفل من ضنك العيش والمجاعة والبطالة.!.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة