جريمة التتريك تطال “آمنة بنت وهب”
خاص غلوبال – شادية إسبر
من أسوأ مظاهر “العثمانية الجديدة” هو التتريك الممنهج، الذي تحاول سلطات أردوغان فرضه بقوة سلاح الاحتلال والإرهاب في مناطق سوريّة تنتشر فيها قواته ومرتزقته من إرهابيين، ويبدو أن النظام التركي مصرّ على عدم التوقف عن ارتكاب المزيد من هذه الجرائم، رغم أن الأجواء مالت إلى الدخول في حلحلة بين أنقرة ودمشق خلال الفترة الماضية، ليكون الملف الميداني والخطوات العملية على الأرض هي عقدة أي حل مع استمرار التعنت التركي.
كثيراً دأب الرئيس التركي رجب أردوغان على القول ومحاولة التسويق، بأن تواجد قواته الاحتلالية على الأراضي السورية هو لدرء التهديدات لأمن بلاده، حيث يزعم أردوغان في كل اجتماع أو خطاب بعدم وجود أي أهداف توسعية جيوسياسية لنظامه في الأراضي السورية، لكن الواقع والوقائع تدحض تلك المزاعم.
فكيف سيرشح أردوغان أن تغيير أسماء المدارس من أسماء ذات دلالات تاريخية ودينية ومحلية باللغة العربية إلى أسماء أتراك قتلوا في سورية، هو لدرء التهديدات لأمن بلاده!؟.
قبل يومين وفي خطوة استفزازية، تلقت مجموعات من مرتزقة الاحتلال التركي في مدينة الباب وبزاعة أوامر ونفذتها بتغيير أسماء مدارس يعود تاريخ بنائها لعقود سابقة؛ إلى أسماء عناصر من القوات التركية قتلوا في سورية، منها مدرسة “آمنة بنت وهب” في مدينة الباب، ومدرسة البنات وسوسيان الابتدائيتان في بزاعة، وسط غضب من قبل أهالي المنطقة، حيث قام عدد منهم بحملة “قلع ودعس” للافتات التركية.
إنه جزء من جريمة تتريك مستمرة في المناطق المحتلة شمال غرب سورية، حيث يجري التتريك بشكل مدروس ومنهجية استعمارية لم تترك أي تفصيل إلا طالته، بدءاً من تغيير المعالم الجغرافية، وتهجير السكان في إطار التغيير الديمغرافي، إلى فرض التعامل بالليرة التركية وربط المناطق بشبكات اتصال وكهرباء تركية، وإجبار الطلاب على تعلم اللغة التركية وفرض مناهجها في المدارس والجامعات، وصولاً إلى تغيير أسماء المناطق والشوارع والمرافق والمدارس، في خطوة تستهدف طمس هوية المنطقة، تحضيراً لسلخها، ما يستوجب التحرك بقوة وبالتوازي، ميدانياً وسياسياً، على المستويين الإقليمي والدولي لوقف هذا السلوك الإجرامي، ومنع النظام التركي من مواصلة نهجه الاستعماري التوسعي في سورية، حيث ظهر مجدداً الوجه العدواني، وسقط قناع البحث عن حلول سياسية.
فالتعنت التركي على المطلب السوري الداعي لسحب القوات التركية الاحتلالية كبادرة حسن نية تفتح الطريق بين دمشق وأنقرة، والاستمرار بجريمة التتريك كمنهجية استعمارية، هي ألغام مزروعة في طريق التقارب تهدد بتفجير أي حل سياسي أو جهد إقليمي لإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة، وهما الركيزتان لأي مستقبل منشود لشعوبها، لا يقومان إلا على مبدأ واحد وأساسي الاحترام المتبادل لسيادة الدول وحسن الجوار، فهل تفخيخ الحوار ونسف الأجواء الإيجابية مهمة أطلسية جديدة؟.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة