جودة “الرغيف” بين الإشراف والإدارة؟!
خاص غلوبال – سامي عيسى
من خلال مسيرتي الإعلامية ومتابعتي المستمرة لإنتاج رغيف الخبز في القطاعين العام والخاص، والأكثر في المتابعة للعام بنظاميه “الإشراف والإدارة” تكونت لدي حقيقة لا تحتمل الجدل بمفرداتها خلال الترجمة على الواقع، تكمن في أن الجميع يسعى لجودة رغيف سهلة الاستهلاك لدى المواطن وأهل صناعتها، لكن هذه “حمالة أوجه” لأن النظرة إليها تختلف من منتج لآخر، رغم خصوصيتها وثباتها على مكونات يشترك فيها الجميع، لكن طريقة توظيفها واستثمارها هي المختلفة، لأن شراكة الجميع فيها معادلة ثلاثية الأطراف ” خاص – عام بنظامين إشراف وإدارة” الأمر الذي يفرض على أرض الواقع حالة تنافسية، لا ترقى إلى حدود المنافسة الفاعلة، التي تفرض سطوتها في السوق، لاعتبار واحد” هو كونها السلعة الوحيدة المنتجة” وصاحبة الاستهلاك المباشر الذي لا يسمح بخيارات استهلاكية أخرى أمام المواطن.
لكن ما ذكرناه قد نختلف مع الآخرين حول طريقة العرض والرؤى وحتى الشكل لكن نتفق في المضمون، وخاصة لجهة جودة الرغيف وآلية إنتاجها، وأنظمة تشغيلها” خاص- وآلية بمكونيها الإشراف والإدارة” وهذا الاتفاق يحمل أبعاداً صحيحة وواقعية، تعيد إلى أذهان الجميع استقرار هذا القطاع لسنوات طويلة قبل الأزمة الحالية، وما أحدثته من خلل واضح ليس في قطاع الرغيف فحسب، بل في كافة القطاعات.
وهذا بدوره فرض حالة من الجدل، حملت في مضمونها أسئلة كثيرة يحكي قصصها المواطن، وهذه بدورها أثارت جدلاً واسعاً في أوساط الرأي العام، تتعلق بجودة رغيف الخبز واختلافها من مخبز لآخر، وحتى بين احتياطي وآلي، وحتى طريقة الإدارة في مواقع الإنتاج وكيفية التعاطي في تأمين المستلزمات، وهامش الحرية لإدارة الأفران، واختلافها في حالتي الإشراف والإدارة، وما تحمله من بعض المحسوبيات تفرض نفسها على أرض الواقع، والتعاطي معها بصورة تؤثر مباشرة على الإنتاج وجودة الرغيف، التي يسعى الجميع لتحسينها ليس على مستوى “المؤسسة” ووزارة التجارة الداخلية فحسب، بل على المستوى الحكومي أيضاً.
وبالتالي مسألة الاهتمام محسومة، وهدفها وغايتها واحدة، تكمن في تحقيق رغيف جيد يرضى عنه غالبية المواطنين، لكن رغم كل ذلك هناك ثمة ما يثير الجدل، في ساحة إنتاج رغيف الخبز، ونظام العمل الذي أوجد حالة من التشتت، حملت نظام عمل بمفردتين غيرتا شكل المعادلة الإنتاجية، من مخابز آلية واحتياطية،إلى مفردة جديدة قوامها نظام الإشراف والإدارة، علماً أن المضمون بقي كما هو، وإشكالية جودة الرغيف هي القائمة، الأمر الذي أوجد حالة من القلق والتشويش على آلية العمل، وبالتالي انعكاس ذلك سلباً على جودة الرغيف وتوفيره، بدليل حالة الازدحام على مخابز الإشراف تؤكد هذه الإشكالية، التي أوجدتها ثقافة عمل تتحمل مسؤوليتها جميع الإدارات المتعاقبة وقبلها الوزارات، ومعها حكومات تعاقبت عليها أيضاً، لم تستطع إيجاد نظام واحد لإنتاج رغيف موحد في كافة الافران، من حيث الجودة والمواصفات والوزن والسعر وحتى في طريقة إيصالها للمواطن مع الحفاظ على كل ماذكرت.
لكن للأسف ما يحدث على الأفران من حالات ازدحام، واختلاف الجودة من مخبز لآخر يجعلني أكثر قلقاً بحكم المعرفة والقرب من أهل الرغيف، وهنا لابد من قول “كلمة حق” أن ظروف العمل في هذا القطاع شاقة وأكثر القطاعات استهلاكاً للطاقة وجهد العامل، مع مردودية معيشية ليست بالمستوى المطلوب، إلى جانب مشكلات يومية في مستلزمات الإنتاج، نتيجة ضعفها وصعوبة تأمينها، بسبب الحرب والحصار الاقتصادي، وغيرها من أسباب.
وبالتالي جودة الرغيف تضيع في متاهات كل ماذكرت، والمواطن هنا لا يعنيه أنظمة الإنتاج المختلفة، بقدر ما يعنيه” رغيف جيد قابل للاستهلاك” وهذا يضمنه اجراء واحد فقط، يكمن في اعتماد نظام واحد في كل المخابز، يتضمن معايير إنتاج واحدة ومقادير استهلاك، وشروط تصنيع موحدة، ومكونات جودة تتحكم بإنتاجية أفضل للرغيف، تنهي كل حالات القلق على مستقبل الرغيف والتي فرضتها مظاهر كثيرة أهمها مشاهد الازدحام على الأفران.
والسؤال هل ننتظر طويلاً لنرى رغيف خبز لا يحمل مشاكل الإنتاج، وينهي حالات الازدحام، ويسر خاطر المواطن..؟!.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة