جيل “أمي” خلفته الحرب في مناطق ريف حلب… رئيس دائرة تعليم الكبار لـ”غلوبال”: إجراء مسح ميداني للأميين قريباً
خلفت الحرب بسنواتها السوداء جيلاً أمياً في مناطق ريف حلب مع لحظ ارتفاع نسب الأطفال المتسربين من المدارس لأسباب عديدة أهمها الظروف المعيشة الصعبة، مع ميل عائلات كثيرة إلى عدم تعليم الفتيات وتفضيل تزويجهن في عمر صغير تحت وطأة عودة العادات والتقاليد البالية إلى الواجهة، جراء سيران الفكر المتخلف خلال فترة سيطرة التنظيمات الإرهابية على تلك المناطق، وقد يبدو تغير هذه الصورة القاتمة صعباً لكن ليس بمستحيل، وأن كان يستلزم وقتاً وجهداً ومالاً كثير لإنجاز هذا الهدف الاستراتيجي.
محو الأمية هدف أوكلت به دائرة تعليم الكبار والتنمية الثقافية في مدينة حلب، لكن سنوات الحرب وتفشي وباء كورونا أثر على عملها، لتعود في العام الحالي للعمل لتحقيقه، لكنها كما يقال تنحت في الصخر في ظل صعوبات العمل الكثيرة لناحية وجود كادر عمل قليل لا يستطيع تغطية المساحات الواسعة في المدينة والريف، وقلة المواد المالية، التي تعد العائق الأكبر، ما يتطلب تعاون كافة الجهات والمنظمات لتحقيق هذا الهدف الاجتماعي والاقتصادي والتنموي.
“غلوبال” تواصلت مع رئيس دائرة تعليم الكبار والتنمية الثقافية ياسر عابدين للحديث عن خطة العمل لمحو الأمية المنتشرة في مناطق من مدينة حلب وريفها، وصعوبات العمل، حيث أكد افتتاح العديد من الدورات في الريف، إضافة إلى دورات في السجن المركزي بحلب ودورات تدريبية أخرى في المؤسسات التابعة لوزارة الصناعة بموجب اتفاقية مع وزارة الثقافة، كالغزل والنسيج والكابلات والمعامل في المنطقة الصناعية في الشيخ نجار بموجب تعميم من غرفة صناعة حلب لمحو أمية العمال، لافتاً إلى وجود دورات ستقام في الشركة العامة للتبغ وبعض المهن التابعة لاتحاد الحرفيين، مشيراً إلى أن عدد الدورات المفتتحة بلغ 47 دورة منذ بداية العام الحالي وحتى 21 من تموز الفائت استفاد منها 813 شخصاً ذكوراً وأناثاً، بينما وصل عدد الدورات المقامة في السجن المركزي 7 دورات شملت 150 سجيناً.
وأكد عابدين أن الخطة القادمة ستتركز على الريف الجنوني والشمالي، مبيناً أنه سيعلن خلال الفترة عن 3 قرى خالية من الأمية، مشيراً إلى أهمية تشكيل لجان تعليم الكبار والتنمية الثقافية بقرار من محافظ حلب، الهادفة إلى إجراء مسح ميداني للأميين من عمر 15 وما فوق، متعهداً بتكوين قاعدة بيانات دقيقة حول عدد الأميين في حلب وريفها، وهذه خطوة ضرورية لإنجاز هدف محو الأمية، بالتعاون مع جميع الجهات الرسمية والمنظمات الشعبية وهيئات المجتمع المحلي، لافتاً إلى أن وجود تعاون جديد مع منظمات قطاع الأعمال كغرف التجارة والصناعة بهذا الخصوص.
ولم يغفل رئيس دائرة تعليم الكبار ذكر الظروف الصعبة التي تؤخر تنفيذ استراتيجية العمل المطلوبة كالظروف المعيشة الصعبة، التي تسببت بعزوف بعض الدارسين عن الالتحاق بدورات محو الأمية، وسيطرة بعض العادات التي تمنع الفتاة من الذهاب إلى المدرسة، وعدم الاستقرار في بعض مناطق الريف بسبب الهجرات الموسمية والفقر، مؤكداً اعتماد طرق تحفيزية بالتعاون مع الجمعيات المحلية والمنظمات الدولية لتشجيع المتدربين والدارسين عبر تقديم دعم نقدي أو عيني كنوع من المساعدة الاجتماعية والمعيشية.
وقدم عابدين مجموعة من المقترحات لانجاز هدف محو الأمية كتخصيص برنامج تلفزيوني على الفضائية التربوية لتعليم محو الامية والقيام بحملة إعلامية على أعلى المستويات تدعو إلى مكافحة الأمية واغتنام وجود الجوالات بايدي الشباب بتصميم برنامج “أندرويد” حسب مناهج محو الأمية وتعليم الكبار بشكل ممتع، وإعادة تفعيل صفوف محو الأمية في الجيش العربي السوري وتضافر كافة جهود المؤسسات الرسمية والأهلية لإجراء المسح الميداني وإحداث طابع محو أمية يعود ريعه لصندوق عمليات محو الأمية ورفع تعويضات مكأفات العاملين في محو الأمية أسوة بالوكلاء في التربية، واعداد مناهج مختصرة جديدة لمحو الأمية وتطويرها ورفع الموازنة المالية حسب حجم العمل المتزايد، وإقامة ورشات عمل لتبادل الخبرات في مجال محو الأمية بالتعاون مع المنظمات الدولية والعربية.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة