حرب الكاميرات….”إسرائيل” تحذف مشاهد انهيارها…وخوذ المقاومين وثّقت
خاص غلوبال – شادية إسبر
مشاهد اليوم الأول لطوفان الأقصى ليست كباقي المشاهد القادمة من فلسطين، تلك المشاهد التي حُفرت في الذاكرة الفردية والجمعية لكل فلسطيني وعربي ومقاوم حر في العالم، وبحجم الوقع الميداني للعملية البطولية، كان الوقع الإعلامي لتلك المشاهد التي وثقتها كاميرات المقاومين المثبّتة على خوذهم، كما وثقتها كاميرات المحتلين المثبّتة على طول السياج الفاصل الذي انهار في لحظات، تلك المشاهد اليوم هي جزء من حرب داخلية مستعرة في قلب كيان الاحتلال.
تقرير نشرته وسائل إعلام الكيان الصهيوني يكشف مفاجأة صدمت عدداً من مسؤوليه العسكريين والأمنيين؛ الذين اكتشفوا أن مقاطع فيديو ومشاهد من اليوم الأول لطوفان الأقصى اختفت بشكل غامض من أرشيف القوات الإسرائيلية.
ضباطٌ كبار في جيش الاحتلال قالوا إن “يداً خفية” تحذف تسجيلات من كاميرات الجيش على طول السياج الفاصل بين قطاع غزة ومنطقة الغلاف التي توثق يوم عملية طوفان الأقصى (7 تشربن الأول 2023)، معتبرين أن الهدف “تفادياً لإدانتها بالتقصير”، بينما تثبت الوقائع أن ” تفادي إدانتها بالتقصير” هو أحد الأهداف، وربما يكون أقلها أهمية.
تقارير داخلية سابقة في كيان الاحتلال كانت أشعلت جدلاً بعد أن كشفت بأن بعض القتلى من مستوطنيه، قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي، خلال محاولته استيعاب صدمة “الطوفان”، وحالة الهيستريا التي اتسمت بها عمليات بحثه عن المقاومين.
وعن تفاصيل اختفاء المشاهد، قالت صحيفة “جورزاليم بوست” الإسرائيلية أنه “تمت إزالة التسجيلات المهمة ليوم الهجوم من قاعدة البيانات المركزية”، بينما قال جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان رسمي إن “مقاطع الفيديو لم يتم حذفها بل اقتصرت على الموظفين المصرح لهم بمشاهدتها”، واللافت هنا أن ضباطاً كباراً من قوات الاحتلال من أثار موضوع حذف تلك المشاهد، أي أنهم “غير مصرح لهم بالمشاهدة”، فإذا كان كبار ضباط الاحتلال غير مصرح لهم، من هو الذي سيُسمح له إذاً؟!.
المعلق العسكري لموقع “واللا” الإسرائيلي قال: إن “عملية الحذف هذه تم اكتشافها أثناء زيارة قام بها ضباطٌ كبار من هيئة أركان الجيش إلى مقرات الفرق المختلفة، لتحليل دروس الحرب وأساليب عمل حماس والتحقيق في الأحداث”، وهو ما يؤكد أن عملية الحذف تمت عن عمد، وأهدافها متشعبة، فالكاميرات وثّقت الهجوم السريع للمقاومة والانهيار الإسرائيلي الأسرع، ما يعني أنها لن تكون دروساً لجنود الاحتلال بقدر ما هي دمار لحالتهم المعنوية التي أكدتها الأحداث اللاحقة برفضهم الخدمة وتسجيل حالات هلع وانهيار وانتحار وهروب، كما أنها (المشاهد) أدلة قطعية على فشل أمني واستخباراتي، وبالتأكيد سيتم استخدامها في صراعات داخلية، وهذا يتسق مع أخبار عن مطالبات داخل كيان الاحتلال “بفتح تحقيق فوري” في حرق وثائق من قبل ديوان رئاسة حكومته بتوجيه من رئيسها بنيامين نتنياهو في أعقاب طوفان الأقصى، إضافة لمنع تسجيلات وخطوات أخرى.
وبالعودة إلى المقاطع المحذوفة، فقد اعتبرت الصحيفة الإسرائيلية أنه “تم حذف المقاطع عمداً”، ونقلت عن مصادر داخل “فرقة غزة” كشفها أيضاً عن “خلل” في تسجيلات الاتصالات منذ 7 تشرين الأول، وقولها: “يبدو أن شخصاً ما قد اتخذ خياراً متعمداً إما بنقل هذه التسجيلات أو حذفها”.
بهذا استطاع مسؤولو كيان الاحتلال (حذفاً أم نقلاً) إخفاء مشاهد “الطوفان” التي صورتها كاميرات جيشه، لكن ماذا عن تلك التي صورتها كاميرات المقاومين؟.
حتى لو عملت مواقع (Meta وX وأخواتهم) على الطريقة الإسرائيلية وحذفوا أو غيّبوا تلك المشاهد الموثقة بكاميرات الخوذ والبواريد والسواعد المقاومة التي طافت من أرض فلسطين المحتلة إلى العالم، فهل هم قادرون على محوها من ذاكرة الشعوب التي تشربت كأرض عطشى مقاطع اختراق السياج الفاصل وفتح بواباته وانهيار المواقع العسكرية للعدو، وتدمير دباباته وآلياته، وأسر وهروب جنوده، وتنفيذ المقاومين انتشاراً عسكرياً على الطرق السريعة وتقاطعات الطرق لغلاف من المستوطنات المسلحة التي تحاصر القطاع المقاوم؟ بالتأكيد هذا أكبر بكثير من قدراتهم.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة