حلويات ”تنقرض“و”المعروك“ موروث شعبي يحافظ على مكانته على موائد الحلبيين…رئيس جمعية الحلويات والمعجنات لـ«غلوبال»:سعره مقبول مقارنة بتكاليف إنتاجه
خاص حلب – رحاب الإبراهيم
في كل شارع أو حي في مدينة حلب يذكرك الزلزال بنفسه، فآثاره المدمرة حاضرة ليس على الأبنية فقط، وإنما على الوجوه المتعبة ولاسيما مع اشتداد لعنة الغلاء على المعيشة، لكن ذلك لم يمنع الحلبيون من عيش طقوس شهر رمضان الكريم، حيث تشهد الأسواق خلال فترة ما قبل الإفطار حركة نشطة لإحضار مستلزمات المائدة الرمضانية من العصائر والحلويات والمعجنات.
الاكتفاء بالأرخص
السير في أسواق المدينة المشهورة بمطبخها وأكلها الطيب، كفيل لوحده بتأكيد ذلك، فرائحة الحلويات التي تصنع قبل وقت الإفطار تفوح في أرجائها، داعية المواطنين إلى الشراء، وإن خرج الكثير منها من حسابات المواطنين بعد ارتفاع سعرها إلى حدود غير مسبوقة لدرجة أن هناك حلويات كانت تشتهر بها مدينة حلب تكاد تنقرض جراء غلاء مستلزمات تصنيعها، لذا يتم الاكتفاء بالحلويات الشعبية الأرخص كالقطايف والبرازق والمعمول الذي تجاوز سعر كيلو كل منهما ال 30 ألفاً، لكن بالمقابل أيضاً رغم غلاء ”غزل البنات“ الأكلة الشعبية التي وصل سعر الكيلو منها إلى 100 ألف ليرة، هناك من يشتريها من المحلات التي غيرت كارها إلى صنع هذه الحلوى التي تشتهر مدينة حلب في إعدادها خلال شهر رمضان.
حكاية مختلفة
ويبقى للمعروك الذي ينتشر في جميع أسواق المدينة وشوارعها بأنواعه المختلفة حكاية مختلفة، ولاسيما أنه يجمع بين المعجنات والحلويات، فالموائد الرمضانية في أغلب البيوت لا تخلو من هذه الكعكة الشهية، التي تعد جزءاً أساسياً من التراث الحلبي، وهو ما يدفع أغلب محلات المعجنات والحلويات إلى الاشتغال في تصنيعها وبيعها، لدرجة قد لا تمشي خطوة دون مشاهدة أنواع المعروك المختلفة معروضة على الأرصفة أو المحال، نظراً للطلب الشديد عليه من الحلبيين كل حسب قدرته المادية، فأسعاره ارتفعت كغيره من المعجنات والحلويات قياساً بالعام الفائت، حيث يتراوح سعره بين 5 إلى 30 ألفاً حسب نوعيته و الحشوة،وإن كان النوع السادة الأكثر طلباً نظراً لسعره المنخفض بحيث تقدر أغلب العائلات على شرائه ووضعه على مائدة الإفطار، كما يوجد المعروك المحشو بالشوكولا والجبنة والتمر والزبيب وغيرها من النكهات، وكله بثمنه كما يقال.
حفاظاً على التراث
وعن حفاظ أهل حلب على عادة شراء المعروك وعدم الاستغناء عنها على المائدة الرمضانية رغم غلائها تتحدث السيدة نهى قلعجي ”ربة منزل“عند شرائها هذه الكعكة من سوق الجميلية الذي يشهد ازدحاماً قبل ساعات الإفطار فتقول لـ«غلوبال»: لا أستطيع شراء المعروك من النوع الفاخر الذي يصل سعره إلى 30 ألفاً، لذا أكتفي بشراء السادة منه أو المحشو بجبنة كونها أقل سعراً أيضاً.
غلاء المواد الأولية
تواصل «غلوبال» مع رئيس جمعية الحلويات والمعجنات محمود مزيد للحديث عن ”المعروك“ الذي تنشط صناعته خلال شهر رمضان الكريم، ويسهم في تحريك صناعة المعجنات وزيادة نسبة مبيعاتها بحيث تتحول محال كثيرة إلى صناعة هذه الكعكة التراثية نظراً لإقبال العائلات الحلبية على شرائها حتى مع ارتفاع ثمنها، حيث يؤكد أن المعروك يعد موروثاً شعبياً عند الحلبيين، الذين يحافظون على عادة شرائه خلال شهر رمضان الكريم، كنوع من حماية التراث الحلبي، أيضاً إلى نكهته الطيبة.
واعتبر مزيد أن سعر المعروك قياساً بارتفاع المواد الأولية اللازمة لصناعته من الطحين والسكر والخميرة، عدا عن تأمين الغاز بأسعار مرتفعة والأمبير وغيرها من التكاليف، يعد مقبولاً وخاصة النوع التقليدي منه، الذي يبلغ سعره 5 آلاف ليرة، وهو الأكثر طلباً، لكن في حال رغبت العائلات في نكهات أخرى يختلف السعر حسب الحشوة.
سعر مقبول؟!
وبين مريد أن الحرفيين الذين يشتغلون في صناعة المعروك توارثوا هذه المهنة أباً عن جد، لكن هناك من يعمل بإنتاج هذه الكعكة خلال هذه الشهر كونها تحقق ربحاً جيداً، مشيراً إلى المواد الأولية اللازمة لصناعة المعروك تؤمن من السوق بأسعار مرتفعة ولا تسهم الحكومة إطلاقاً بتوفيرها للحرفيين بما فيها الغاز الصناعي، الذي يفترض تأمينه للحرفيين كنوع من الدعم للمحافظة على هذه المهنة، علماً بأنه سابقاً كان يؤمن الطحين بأسعار مخفضة لإعداد هذه الكعكة لكن بسبب الظروف الصعبة الحالية أصبح الحرفيون يؤمنون هذه المواد من السوق بأسعار مرتفعة جداً، ماساهم في زيادة أسعار المعروك عن العام الفائت لكنها تبقى مقبولة عند النظر إلى غلاء مستلزمات تصنيعه والتكاليف الكبيرة التي يتحملها الحرفيون.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة