ربما لايبقى فروج ولا بيض في سورية!
خاص غلوبال ـ علي عبود
بعد أن وصلت أسعار الفروج والبيض إلى مستويات غير مسبوقة في بداية العام الحالي أطلق مدير عام مؤسسة الدواجن سامي أبو دان تحذيراً في منتهى الخطورة: “ربما لايبقى فروج ولا حتى بيض في سورية مع استمرار ارتفاع الأسعار نتيجة التكاليف العالية”!.
لم يأت التحذير من باب التهويل حينها فقد شهدت الأسواق ركوداً بعد أن تجاوز سعر صحن البيض الـ 60 ألف ليرة، وكيلو الفروج الـ 50 ألف ليرة، وأمام عجز ملايين العاملين بأجر عن شراء الفروج والبيض توقف آلاف المربين عن الإنتاج، وخاصة بعد الارتفاعات المتتالية لأسعار المحروقات والأعلاف.
وإذا كانت المؤسسة العامة للمداجن ترى بأن قرار رفع أسعار المازوت سلبي جداً، فهذا يعني فعلاً أن صناعة الدواجن باتت في خطر، ليس لأن الفروج والبيض سيختفيان من الأسواق، وإنما لأنهما سيختفيان عن موائد ملايين السوريين!.
نعم، لم يعد الأمر يتعلق بتكلفة الفروج ولا البيضة الواحدة، وإنما بالركود الناتج عن تدني القدرة الشرائية من جهة، وانعدام توازن السوق فالعرض كبير والطلب قليل جداً من جهة أخرى.
ولا يبدو أن الحكومة بوارد التوقف عن رفع أسعار المحروقات ولا الأعلاف حتى لو أدى الأمر إلى خروج آلاف المربين من السوق، واختفاء الفروج والبيض عن موائد ملايين السوريين.
ومن المستغرب أن تتحدث جهات حكومية وخاصة عن “توالي أسعار الفروج وأجزائه سلسلة انخفاضها في الأسواق” منذ الشهر الماضي، فالسؤال: هل انخفضت فعلاً أسعار الفروج والبيض، وبالتالي كان تحذير مدير مؤسسة الدواجن باختفائه من الأسواق تهويلاً؟.
حسب نشرات التموين المتتالية، فإن كيلو الفروج المنظف انخفض “رسمياً” من 40 ألفاً إلى 31 ألفاً، ولكن حتى في حال تقيد باعة المفرق بهذا الانخفاض الرسمي فإن الفروج لايزال أعلى من قدرة جميع العاملين بأجر، ولا تستطيع الأسرة شراء أكثر من فروج أو اثنين شهرياً، بعد أن كان ضيفاً يومياً تقريباً على موائد ملايين السوريين.
وبما أن الفروج لن ينخفض إلى مادون التكلفة المرتبطة بأسعار المحروقات والأعلاف، فإن تحذير مدير الدواجن “ربما لايبقى فروج ولا حتى بيض في سورية مع استمرار ارتفاع الأسعار نتيجة التكاليف العالية” سيترجم على الأقل بتراجع العرض إلى مستويات غير مسبوقة مقارنة بالعقود السابقة، بل تحوّل الفروج وأجزاؤه منذ عامين على الأقل إلى “أكلة فاخرة” لايقوى عليها سوى الأثرياء أو المقتدرين مالياً.
وليس صحيحاً أن الانخفاض النسبي بأسعار الفروج والبيض سببه العرض الكبير، أو توجه نسبة كبيرة من المواطنين خلال هذه الفترة من كل عام نحو شراء المؤونة مثل البازلاء والفول والثوم بالتوازي مع انخفاض أسعارها، فلا المربي سيبيع الفروج أوالبيض بأقل من التكلفة إلا في حالات خاصة ولفترة محدودة، ولا تجار وسماسرة الخضر سيطرحون مواد المؤونة بأسعار رخيصة، بل هم يمارسون الجشع والاحتكار والاستغلال سواء في أشهر ندرة السلع أم في وفرتها، وأسعار البازلاء والفول والثوم تؤكد أن ملايين الأسر السورية تخلت مرغمة عن المؤونة.
وليس صحيحاً أيضاً أن إنتاج الفروج ازداد بنسبة 25 % مع عودة نسبة من المربين للعمل بعد انخفاض أسعار الأعلاف، فالمقارنة تكون بين الإنتاج الحالي وبين إنتاج ماقبل عام 2021 وليس بعد آخر زيادة للمحروقات والأعلاف.
الخلاصة: الحديث عن أن أسعار الفروج باتت مع بداية شهر أيار مناسبة للمستهلك هو هراء، والقول بأن “انخفاض سعر الفروج وأجزائه أمر إيجابي وضروري في ظل ضعف القدرة الشرائية للمواطن” لايمت للواقع بصلة، لأن الفروج لم يعد مناسباً سوى للمقتدرين، وهو اختفى فعلياً مثل البيض عن موائد ملايين الأسر السورية باستثناء المناسبات النادرة جداً.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة