رقم قياسي جديد لفاتورة الأسرة السورية شهرياً يتجاوز الـ 13 مليون ليرة… خبير اقتصادي لـ«غلوبال»: ضياع الموارد وضعف الإنتاج زاد التضخم وارتفاع الأسعار أحرق الدخول
خاص دمشق – بشرى كوسا
بعد انقضاء نحو 10 أشهر ونيف من عام 2024، ارتفع وسطي تكاليف معيشة الأسرة السورية، وسجل المواطن السوري الجبار رقماً قياسياً جديداً في الصبر والتدبير والاحتيال على الأسعار مستخدماً العديد من التكتيكات، منها، مثلاً مقاطعة الأسواق والإحجام عن الشراء أو اللجوء للدين بالفائدة، ناهيك عن القروض على الرواتب وهي السياسة التي اتبعها الكثير من الموظفين وأصحاب المعاشات التقاعدية.
وأشارت أحدث دراسة اقتصادية إلى أن وسطي تكاليف المعيشة لأسرة مكوّنة من خمسة أفراد، قفز إلى أكثر من 13.6 مليون ليرة من نحو 8.5 ملايين ليرة في العام الفائت، كما ارتفعت التكاليف بنسبة قاربت 4.6% خلال ثلاثة أشهر فقط “تموز وآب وأيلول”.
بالمقابل، وبعيداً عن الدراسات والأبحاث، نقدم أدلة على مدى قوة المواطن السوري بلغة الأرقام من خلال احتساب قيمة الفواتير التي يجب على رب الأسرة دفعها شهرياً، مع العلم أن متوسط الدخل الشهري “الراتب” نحو 450 ألف ليرة للموظف من الفئة الأولى.
وبلغة الأرقام، الفواتير الشهرية التي يدفعها رب أسرة مكونة من 5 أفراد، وسطياً، فهي كالتالي: فاتورة كهرباء 75 ألف ليرة، الإنترنت المنزلي 50 ألف ليرة، خط سيرف 200 ألف ليرة، فاتورة مياه 35 ألف ليرة، جرة غاز بالسعر المدعوم 30 ألف ليرة، أجور النقل وسطياً 200 ألف ليرة.
ونضيف: تكلفة وجبة الإفطار شهرياً 600 ألف ليرة “20 ألف يومياً”، ووجبة الغداء 750 ألفاً “50 ألف ليرة في 15 يوماً وليس شهراً كاملاً”، مع مقرمشات ووجبة عشاء وحلويات وفواكه ومكسرات ووجبة العشاء وأدوية وأجور طبابة نضع تكلفتها جميعاً بـ 800 ألف ليرة، ليصبح المجموع الكلي” مليونين و750 ألف ليرة”.
مع الإشارة الى أن التكاليف السابقة تناست أجرة المنزل شهرياً والتي لا تقل عن مليون ليرة في مناطق السكن العشوائي، كما لم تشر إلى تكاليف التدفئة واللباس في الشتاء والمؤونة والمدارس على أبواب أيلول، وأقساط المدارس والجامعات ووو.. فهل لكم أن يساوركم الشك بجبروت المواطن السوري وقدرته على التحمل؟.
ويشير خبراء الاقتصاد في سورية إلى أن العائلة الصغيرة المكونة من أربعة أشخاص لتعيش في الحدود الدنيا، ضمن منزل ملك خاص، ومواصلات وتكاليف وجبتي طعام يومياً، تحتاج من 9 – 10 ملايين ليرة شهرياً لتكون دون مستوى خط الفقر.
وتعقيباً على ذلك يؤكد الخبير الاقتصادي محمد كوسا في تصريح لـ«غلوبال» أن تسعير مواد الطاقة ورفعها من جديد والقضايا الإدارية المتفاقمة ساهمت في ضياع الموارد وضعف الإنتاج وتباطؤه، وبالتالي ندرة المعروض من السلع والحاجات التي يتطلبها السوق، مما زاد من التضخم وارتفاع الأسعار واحتراق الدخول والأجور بسببها.
وأضاف كوسا: إن القضية تعود لنفاد مخزون الأسرة من المال المحدود أصلاً بسبب تزايد الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمال، ناهيك عن أن هناك احتياجات أخرى تأخذ مكانها على سلم الأولويات لدى المواطنين أو الأسر منها أجور النقل التي زادت والطبابة والأدوية والتعليم كلها أسعارها ارتفعت خلال الأشهر الماضية.
لكن السبب الرئيس قلة المال وانخفاض الأجور المشكلة تبدأ بالأجور والرواتب وتنتهي بتقديم أجور ورواتب أكثر عدالة.
يقول الواقع إن شيئاً ما قد حدث، وأن الأرقام مقلقة، والأهمية اليوم لسد عجز الموازنة ودفع الضرر عن المواطن، والقيام برفع الرواتب والأجور نسبياً وعلى مراحل، يسد جرحاً نازفاً في خاصرة الاقتصاد، والتفسير السائد لما يحدث أن صيغة الفقراء والأغنياء يتم تكريسها، وأن صيغة التقسيم غير العادل من نصيب الفقراء.
مضيفاً: لابد من تحسين الدخول وهذا ضرورة حكومية وضرورة اقتصادية واجتماعية، وعلى المدى القصير يتوجب العمل على إصدار زيادات متواترة متلاحقة ومتقاربة على الرواتب والأجور مثلاً يمكن تعديل شرائح الضريبة على الراتب أو تعليقها لمدة عام مع إيقاف حسميات التأمينات الاجتماعية وصناديق التكافل وغيرها للوصول للحد الأدنى من الدخل الذي يتمكن فيه تأمين الحد الأدنى من متطلبات المعيشة مع الاستمرار بمسألة تقديم المنح المالية، وهذا شيء مهم كحل مؤقت، والحل على المستوى الأبعد هو في اختيار قيادات إدارية لبعض المواقع كي تعمل على تفعيلها، أما الحلول الاستراتيجية فهي مركبة نذكرها في مقال آخر.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة