سادت ثم بادت هل نقول وداعاً للثروة الغنمية… وزير الزراعة لـ«غلوبال»: نحن اليوم بحاجة لإعادة الثقة للمزارعين و المربين
خاص حماة – محمد فرحة
قبل بداية الأزمة كان عدد الثروة الغنمية وفقاً لآخر إحصاء آنذاك 16مليون رأس، وكانت تشكل دخلاً اقتصادياً كبيراً للناتج المحلي، وتكفي الشركة العامة للأصواف و معامل صناعة السجاد الحكومية مايلزمهما.
وإذ بنا اليوم، شركة الأصواف بحماة تعمل للغير، ولم تعد الأغنام كما كانت تزهو في أصقاع البادية بأجراس مرياعها، ولم يبق منها عملياً أكثر من 6 ملايين في أحسن الأحوال، منها مليونان و600 ألف في محافظة حماة.
الثروة الغنمية هذه يتم تصدير حوالي المليون ونصف المليون رأس سنوياً، وفي السنين الخيرة يتعدى الرقم ذلك بكثير، ما يشكل دخلاً بالقطع الأجنبي لخزينة الدولة، وأذكر هنا جيداً بأن الوكالة اليابانية “جايكا” للتعاون الدولي كانت قد أوصت الحكومات السورية منتصف التسعينيات بالتركيز على قطاع الثروة الغنمية، لما يشكله غنم العواس السوري من دخل للاقتصاد المحلي، فيما لو ضرب الجفاف القطاع الزراعي المتسارع والذي نشهد بوادره منذ سنوات وسيبلغ ذروته مطلع عام 2030.
لكن الحكومات الماضية تعاملت مع الموضوع بكل جدية، فازدهرت معامل الأعلاف والزراعات العلفية ضمن خطط وزارة الزراعة في تلك الحقبة، ليطرح السؤال نفسه اليوم ماذا فعلت الحكومات ماقبل الأزمة بسنوات ومع الأزمة حتى يومنا هذا ؟.
واقع الحال يجيب بشكل جلي وصريح وواضح لا لبس فيه: أهملت الثروة الغنمية ومربيها، فضاقت الحلقات عليهم وتشابكت حبال الحلول وتحكمت العقد، فضاعت الثروة الغنمية.
لا لغياب الحلول أبداً وإنما لعدم الاهتمام وسوء التدبير، فالتقط كبار التجار طرف الخيط، وراحوا يتاجرون بالمادة العلفية من خلال وجود من يسجل لهم أعداداً وهمية غير موجودة بهدف الحصول على المقنن العلفي ومن ثم بيعه للمربين الحقيقين بأسعار مضاعفة.
وكمثال كان يسجل لأحد “المدعومين” بأنه لديه 100 رأس جاموس وهو لايملك عشرة منها وفقاً لما أكده لـ «غلوبال» مصدر في مؤسسة الأعلاف، وما يقال عن قطيع الجاموس ينسحب على الأبقار والأغنام.
وفي هذا الصدد، أوضح وزير الزراعة والإصلاح الزراعي محمد حسان قطنا لـ«غلوبال» بأن الوزارة لا تتحمل وزر ما أصاب القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني.
وزاد على ذلك بأنه عندما تم تسويق كميات كبيرة من الذرة الصفراء لزوم قطاع الدواجن استقر سعر الفروج حوالي الشهرين، زد على ذلك بأننا وفرنا على خزينة الدولة قيمة استيراد حوالي 500 ألف طن من المادة.
وأضاف قطنا: نحن اليوم بحاجة لإعادة الثقة للمزارعين والمربين، لكن هذا يحتاج إلى تعاون كل المعنيين من اتحاد الفلاحين والإرشاد الزراعي.
عدد من مربي الأغنام قالوا لـ«غلوبال»: إن التجار هم من يتحكموا بالمادة العلفية، وهناك مربون وهميون وتجار يتحكمون بصنع قرار الأعلاف واستيراد المادة، فنحن ضحيتهم.
غير أن مربياً آخر قال: غلاء الأعلاف كما بقية كل المواد اليوم جعل المربون يعزفون عن تربية الأغنام رغم أنها ثروة حقيقية، حيث تتعرض إناثها للذبح في كثير من الأحيان والتهريب في حين آخر ما استنزفها بشكل كبير.
وزاد أن من قام بتهريبها هو من يحاضر اليوم عن قيمتها وضرورة وجودها، حاله كحال “الحرامي” الذي يتحدث عن البطولة.
بالمختصر المفيد عاشت ولا تزال الثروة الغنمية انتكاسة بالنسبة لها وكارثة بالنسبة للمشتغلين بها، وبالتالي انعكس سلباً على الاقتصاد المحلي وخسرنا أهم داعم اقتصادي محلي، ولعل زيارة واحدة لبازار الأغنام ليدرك المشاهد ضآلة الأعداد الموجودة للقصابين، ولذلك سعر الكيلو حياً ب32 ألف ليرة.
أما كيف نعيد للثروة الغنمية دورها الفعال في دعم الاقتصاد المحلي يتمثل بالتركيز على الزراعات العلفية وعودة الجمعيات الغنمية، ودعم المرببن أسوة بمربي الدواجن وبغير ذلك سنقول قريباً بأن الثروة الغنمية قد بادت.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة