سوق العقارات يظهر بعض الخصائص المتفردة للاقتصاد السوري… خبير في الاقتصاد الهندسي لـ«غلوبال»: 35% من أبنية دمشق فارغة
خاص دمشق – بشرى كوسا
أكد الخبير في الاقتصاد الهندسي الدكتور محمد الجلالي بأن عملية صناعة البناء في سورية شبه راكدة، باستثناء بعض العمارات في الضواحي، وذلك بسبب ارتفاع التكاليف بشكل كبير جداً، إضافة إلى أن التكنولوجيا المستخدمة في البناء أصبحت قديمة إلى حد ما.
وأوضح الجلالي في تصريح لـ«غلوبال» أن الدول حول العالم قد دخلت في سباق لتطوير صناعة البناء، وتم تسجيل أرقام قياسية في المدة الزمنية اللازمة لتشييد برج سكني، مثلاً تقرأ عن تشييد الصين لبناء مكون من 30 طابقاً خلال 20 يوماً.
وأشار الجلالي إلى أن أسعار العقارات المشيدة وفق تعادل القدرة الشرائية، تعد متدنية مقارنة بأسعار ما قبل الأزمة، وإذا أخذنا في الاعتبار ارتفاع أسعار السلع والخدمات، فإن ارتفاع أسعار العقارات السكنية أقل من ارتفاع أسعار باقي السلع، حيث يمكنك ملاحظة تضاعف أجور المواصلات والمواد الغذائية والطاقة الكهربائية، والمحروقات عدة مرات، بينما تضاعف سعر العقار المبني مرة ونصف على الأكثر، مع ضرورة الإشارة إلى تأثير ارتفاع الأسعار على الأبنية قيد الإنشاء حيث أدى ارتفاع تكاليفها بشكل كبير إلى انخفاض في وتيرة البناء ككل.
وكشف الجلالي أن سوق العقارات في سورية يظهر بعض الخصائص المتفردة للاقتصاد السوري، فمخزون العقارات المبنية في سورية كافية للسوريين، بمعنى أن المعروض يكفي عند الطلب، ويمكنك أن ترى بوضوح أن معظم المساكن في أحياء مختلفة من دمشق غير مسكونة، وبنسبة لا تقل عن 35 %، وهناك عدة أسباب لذلك، فإما بسبب سفر أصحابها خارج القطر، أو لأن العقار يعد وسيلة للإدخار، أو بسبب سوء توزيع الثروة في المجتمع بين نسبة قليلة تملك، ونسبة كبيرة لا تملك.
ونوه الجلالي إلى أن العقار في سورية يعد البارومتر لوضع خاص وغريب في الاقتصاد السوري، وبالتالي فإن ظاهرة المساكن الفارغة تستحق الدراسة، مؤكداً أن هناك خللاً كبيراً بين منازل فارغة كثيرة في بعض الأحياء، وأخرى مكتظة في أحياء أخرى، وهنا تساءل الجلالي من باب الدعابة فقط هل يصح التأميم..!
وتعليقاً على مقولة أن أسعار الشقق في دمشق أغلى منها في لندن، قال الجلالي: إن مساحة مدينة دمشق لا تتجاوز 40كم²، وتضم حيين على الأكثر تضم مساكن بأسعار مرتفعة، ولذلك لا يجوز المقارنة بين مدينة تعاني من سوء في التنظيم ومشكلات في أنواع ملكية العقارات مع مدن أخرى، فقد تجد شقة في دمشق سعرها أغلى من مثيلاتها في دول عربية أخرى، ولكن هذا لا ينطبق على كامل المدينة لأن مساحة المناطق المنظمة في تلك البلدان أكبر، حيث تتوسع المدن بشكل أفقي من خلال زيادة المساحات التي تنضم للمدينة، بينما تجد أحياء في دمشق لا تبعد أكثر من 3كم عن وسط العاصمة لاتزال بيوتها مصنوعة من اللبن.
وأشار إلى أن المدن العربية عموماً لديها مشكلات في البناء، وإن تفاوتت بين بلد وآخر، مثلاً في بغداد لا يوجد توسع شاقولي في الأبنية، وما زال البناء مكوناً من طابقين فقط، ولكنها تتمتع بمستوى جيد من تشابه التنظيم يستحق الإشارة إليه.
وبالنسبة للحلول لمشكلة العقارات، أكد الجلالي أنها مرتبطة بحل مشكلات أخرى، ورغم كون العقار سلعة وأحد أشكال الإدخار المهمة، ولكن لا يمكن إيجاد حل لمشكلة العقارات قبل البحث في حلول لمشكلات أخرى، وفي مقدمتها مشكلة الدخل القومي، فالدخل السنوي الذي يحصل عليه الأفراد لا يعكس قيمة الجهد المبذول.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة
