“شريك المي ما بيخسر”…و مؤسساتنا تتدعي الخسارة وتصر على السباحة عكس التيار؟!
خاص شبكة غلوبال الإعلامية – بقلم: رحاب الإبراهيم
صدق من قال أن “شريك المي ما بيخسر”، فصاحب هذه العبارة الشهيرة لم ينطق بها جزافاً، حيث كان يعرف عن خبرة وذكاء أن تجارة الماء “رابحة” بامتياز، فكيف في بلد كسورية يمتلك موارد مائية صالحة للاستثمار من دون تجاهل التهديد بخطر العطش والجفاف بسبب التبادلات المناخية وبعض الإشكاليات السياسية، والأدق رقبة سوء إدارة هذا الملف الهام، مع أنه يمكن إيجاد صناعة استثمارية رائدة تحقق أرباحاً طائلة للخزينة وإيصال مياه الشرب إلى كل دار مع إتاحة شراء المياه المعدنية لكل مواطن بدون “هليلة” وزارة التجارة الداخلية التي تظن نفسها حققت إنجازاً عظيماً باحتكارها بيع المياه مع شريكتها “الصناعة” التي تعتمد كل “ما دق الكوس بالجرة” إلى رفع أسعارها وزيادة الأرباح من جيب “المواطن السوبر”.
بعض مؤسساتنا تصر على السباحة عكس التيار، ومنها الشركة العامة لتعبئة المياه بعد نفي مديرها المؤكد بإشارته إلى أن تجارة المياه عرضة للخسارة، ما جعلها مضطرة إلى رفع أسعارها مرتين خلال أسبوع بحجة ارتفاع تكاليف التشغيل، مفضلة لبس “طاقة الربع” بإتباع “أسلوب الجباية” على مبدأ “ما حدا أحسن من حدا”، لتفاجئنا بعد يوم واحد فقط بنيتها إحداث خطوط إنتاج جيدة لتغطية حاجة السوق وتصدير الفائض، وهذا أمر إيجابي نشد على أيدي إدارتها لتحقيق هذه الغاية، لكن أن يكون التطوير على حساب المواطن، فهنا الكارثة وخاصة مع ادعاء الخسارة لملمة تقصيرها وعجزها عن إنتاج حلول مجدية.
سحب البساط من تجار وسماسرة المياه، بعد تحقيقهم أرباحاً خيالية من احتكار هذه التجارة الدسمة في ظل طبخة أعدت مقاديرها مع بعض الفاسدين، كان خياراً موفقاً على أن تعود موارد استثمار الثروة المائية إلى الخزينة، وإلغاء سياسة الاحتكار المدمرة حتى لو كانت بيد جهات رسمية، والتساؤل المشروع.. ماهي الجدوى المحققة من احتكار “السورية للتجارة” المياه المعدنية على المواطن والخزينة، وهل بيعها بموجب البطاقة الذكية منع الفاسدين من المتاجرة بهذه المادة وخاصة عند معرفة أن السورية للتجارة باشرت البيع إلى البقاليات وتجار المفرق والمنشآت السياحية والمطاعم والمقاهي، وهل عجزت حلول الأرض حتى يلجأ دوماً إلى اختراع البطاقة الذكية وزيادة الأسعار أم أن هناك خبايا كثيرة تكشف التقصير المفرط في إدارة أزمة المياه، لذا يكون خيار الهروب إلى الأمام هو الحل “الأستر”.
وعموماً سوء إدارة ملف المياه لا يقتصر على المياه المعدنية، فاليوم أغلب المدن السورية وخاصة الأرياف عطشى، ما فسح المجال عريضاً لدخول تجار سماسرة المياه على خط المتاجرة باحتياجات الأهالي، الذين يدفعون مبالغ كبيرة لتأمين المياه إلى منازلهم على نحو يفوق قدرتهم على التحمل، وهذا يتطلب معالجة نوعية بقرارات جريئة لإصلاح البنية التحتية لشبكات المياه المتضررة وتأمين احتياجات محطات المياه من المحروقات والكهرباء بدل ترك السكان يعيشون العصر الحجري بكل تفاصيله، مع محاسبة المقصرين والفاسدين المتسببين في وصول هذا الملف إلى مطارح مغلقة وتأزمه إلى هذا الحد الخطير.
وبالمقابل يتوجب إعادة النظر بالطريقة المعتمدة في بيع المياه المعدنية وإلغاء احتكار السورية للتجارة، والتشارك بذكاء مع القطاع الخاص عبر تنظيم عقود مدروسة بدقة تنعكس بالفائدة على جميع الأطراف وليس قلة قليلة من المنتفعين على نحو يحفظ حق الدولة والمواطن، فالمنافسة تضمن أرباحاً معقولة وشراء المواطن احتياجاته بأي وقت وبلا ضرب أخماس بأسداس واحتكار القلة تحت شعار “التدخل الإيجابي”.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة