شعارات لم تعد مبررة!
خاص غلوبال – هني الحمدان
لم يكن سقف التوقعات بإجراءات التغييرات المزمع اتخاذها من جانب الحكومة الجديدة كبيراً، فهناك حالة أشبه ما تكون فقدان ثقة بكل الآمال والطموحات المتوقعة، ويبدو أن أول قرار للحكومة بمضاعفة أسعار مادة المازوت لمرة ونصف المرة أعطى انطباعاً سلبياً، وأطاح كلياً بأي توقعات إيجابية!.
التفاؤل يبقى مشىروعاً بالعموم، ومطلوب لكن الواقعية مطلوبة أكثر، وربما يتعين على الرأي العام ألا يطالب بأكثر من المستطاع، بينما يراقب ويتابع التطورات والتغيرات وحجم التحديات وتأثيرها على الاقتصاد الوطني.
صحيح أن الحكومة مطالبة بالعمل، وببذل جهداً أكبر، لكن يتعين عليها في الوقت ذاته أن تلتزم الواقعية وأن تعكس الأوضاع بشفافية وصراحة لبناء قاعدة تشاركية تواجه الظروف بأفضل الإجراءات والقرارات، وأقلها تأثيراً على الشرائح الأضعف في المجتمع، وما أكثرها صار اليوم!.
من أولى الأساسيات الواجب أن تسلكها الإدارات الرسمية، فتح قنوات عمل وتشاركية صحيحة مع الرأسمال المحلي، وتسهيلات أكثر ذات مرونة أكثر مع القطاع الخاص، وتزيل أي معوقات تفتح جبهات عمل وإنتاج حقيقية، بعيداً عن الشعارات التي دمرت القطاع العام، وسواها كتلك الشعارات فيما يخص الحفاظ على العمالة الوطنية، كانت بالسابق مطلوبة، أما اليوم مثل هذه الشعارات باتت نمطية ومرهقة، فالعمالة تركت خطوط الإنتاج والعمل وهربت، وإداراتنا لاتزال تطلق الشعارات، مع استثمار تشاركي يعطي إنتاجية وعوائد مالية أولاً وأخيراً، حاجتنا نتلطى وراء شركات وشعارات دمرتنا وألحقت الخسائر والويل بلا أي فائدة..؟!.
وفي هذا المجال يمكن تعميق الشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص وتوسيع هذه الشراكة لتشمل كل المناحي والمرافق ولتمويل وتنفيذ المشاريع الكبيرة التنموية الملحة.
رفع سقف التوقعات لا يصيب الناس بخيبات أمل فحسب بل يضع الحكومات في موقع الاتهام، ولطالما كنا مع أن يتحدث المسؤول بعد أن ينجز، وفي الذاكرة عبارات ساخرة عن مفردات مثل “سوف وسنعمل وسيكون”.!.
أفضل ما يمكن عمله في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة هو العمل بصمت وتحري الواقعية وعدم المبالغة لا في التوقعات ولا في الآمال.
من أسباب اهتزاز الثقة بالمسؤول وبالحكومات المبالغة في توقعات لم تؤتِ أكلها، فيسرع بعض المتربصين إلى طرح تساؤلات تثير الرأي العام وتزيد فجوة انعدام الثقة، وكم ضاع من الوقت في التصدي للإشاعات وما نتج عن ذلك من تردد في اتخاذ القرار وأيدٍ مرتجفة، فقط لنكن واقعيين لأن الوعود التي لا تتحقق هي ما يفتح الباب أمام التشكيك والاتهامات.
الواقع صعب، وأي تغيير يلزمه الوقت الطويل، وأي قرار أو سياسة ستتغير تحتاج لزمن حتى تتبدى إيجابياتها حيز الوجود والتطبيق الفعلي، ولن يلمس المواطن نتائجها مباشرة، مايتخوف منه المواطن اليوم استمرار للسياسات الترقيعية كما المعهودة سابقاً، التي تأتي على حساب المواطن والإجهاز على ماتبقى من دخله، وهنا تزداد الهوة عميقاً بينه وبين أي مسعى يعزز من إعطاء الثقة لأي قرار سيصدر لاحقاً.
جميل أن تبدأ الحكومة بإصلاح الإصلاح الإداري ومرافقاته في تصويب وجهات الاقتصاد والنهوض فيه، وتصحيح إعوجاج الوظيفة العامة، والنظر في مسائل التعويضات والحوافز، وهذه المسألة يجب أن تكون ضمن أولوية الأولويات لوقف نزيف هجرة الكفاءات وخسارة الكوادر العاملة!.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة