صحيفة البعث: الكرة في ملعب الحكومة و الأسرة السورية وحدها التي تتحمّل عبء ارتفاع الأسعار
تحدّث الصحفي علي عبود عن الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه المواطنون بسبب الارتفاع الفاحش في الأسعار.
وقال عبود: “مع التراجع المستمر في القدرة الشرائية لدخل الأسرة، خرجت سلع كثيرة من قوائم احتياجات الأسرة السورية، بل دخلت بعض السلع في خانة الكماليات بعد أن كانت من الضروريات، كاللحوم والفروج والفواكه، وحتى الأكلات الشعبية كالمجدرة والفول والفلافل والشاورما أصبحت من الأكلات الفاخرة مقارنة بالدخل. والملفت أن ما من حكومة على مدى السنوات العشر الماضية إلا ورفعت شعار (تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن)، ولكن هذه الأوضاع كانت تتدهور عاماً بعد عام.. والسؤال: لماذا؟
مع كل تعديل لسعر صرف الليرة كانت جميع الحكومات تسبق القطاع الخاص بتعديل أسعار سلعها وخدماتها، بما فيها السلع المدعومة كالخبز أو تحريرها كالمحروقات بسبب ارتفاع تكاليفها. وها هي تفعلها مجدداً فترفع أسعار منتجات مؤسساتها كالفروج والزيوت والألبان والأجبان والأعلاف والكونسروة والإسمنت، والإنترنت.. إلخ!. وها هو القطاع الخاص يجاريها سريعاً، فيعلن رفع أسعار جميع منتجاته وخدماته بذريعة ارتفاع أجور الشحن والنقل والعمولات.
وبالمحصلة فإن الأسرة السورية العاملة بأجر محدود ومهدود، وحدها التي ستتحمّل عبء هذه الارتفاعات بالأسعار التي لم ولن تتوقف صعوداً على مدى السنوات الماضية.
وما فعلته الحكومات السابقة مع كل تعديل لسعر الصرف أكثر من منطقي وأكثر من طبيعي، فلا يمكن أن تبيع السلع والخدمات بأقل من كلفتها، والاستثناءات محدودة جداً كالخبز، كذلك القطاع الخاص لن يبيع بأقل من التكلفة مع هامش فاحش من الأرباح، لكن اللا منطقي واللا طبيعي أن يكون الخاسر الوحيد مع كلّ تعديل لسعر الصرف هم العاملون بأجر والمودعون بالمصارف.
ولو قامت الحكومات السابقة بتعديل الأجور بما يوازي أي تعديل جديد لسعر الصرف لما انخفضت القيمة الشرائية لملايين العاملين بأجر ولما كانت الأسعار جنونية ولا مستفزة!!.
لقد كان متوسط دخل العامل بأجر 10 آلاف ليرة عام 2011 أي بما يوازي القيمة الشرائية حالياً لمبلغ 532 ألف ليرة دون أي زيادات أو ترفيعات يفترض أن تزيد هذا الراتب، في حين قلّة من العاملين تتقاضى حالياً 100 ألف ليرة شهرياً، أي أقل بـ 10 أضعاف عما كان عليه متوسط الراتب منذ عشر سنوات.
وبما أن جميع الحكومات أنجزت موازناتها حسب سعر الصرف الرسمي وعدّلت أسعار منتجاتها وخدماتها وفق أسعار الصرف الجديدة وقبلت بتعديل أسعار وخدمات القطاع الخاص، فلماذا استثنت رواتب وأجور العاملين في القطاعين العام والخاص من التعديل؟ وبدلاً من قيام الحكومات المتعاقبة بمناقشة سيناريوهات قابلة للتنفيذ لزيادة الرواتب والأجور.. لماذا لم تتوقف عن خفضها، بل لماذا لا تُعيد قوتها الشرائية إلى ما كانت عليه عام 2011 على الأقل؟
ولكي لا نغرق في تفاصيل مكرّرة لن توصلنا إلى حلّ جذري، فإننا نصحّح اتجاه البوصلة، لنؤكد أن على الحكومة أن تتحمّل مسؤولياتها منفردة وتجد حلاً دائماً لمعضلة التوازن بين الأجور والأسعار.
نعم.. الكرة في ملعب الحكومة.. لماذا؟.
الحكومة هي من يحدّد أسعار جميع السلع والمواد الأساسية والثانوية والكمالية، والحكومة هي من يحدّد الحد الأدنى للأجور في القطاعين العام والخاص، والحدّ الأعلى للعاملين في القطاع العام، وبالتالي فمن المنطقي جداً أن تقوم الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور في كل مرة ترفع فيها الأسعار، والحد الأدنى يجب أن يكفي لتأمين المستلزمات الأساسية لحياة الأسرة السورية.
وبالمختصر المفيد: ليست الأسعار جنونية ولا مستفزة، بل الدخل هو الذي ينخفض بشكل جنوني ومستفز”.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة