صحيفة رسمية:المواطن السوري أسير قرارات و ما عليه إلا الانصياع والإذعان لها!
يجد المواطن السوري نفسه أسير قرارات غير منصفة له، ومنحازة لمن صاغها، وما عليه إلا الانصياع والإذعان لها.!.
منها ما يصب في مصلحة الحكومة دون الأخذ بعين الاعتبار تداعياتها على المواطن، ومنها ما يهدد بانقراض الطبقة الوسطى التي تعد بيضة قبان الاقتصاد نظراً لدورها لجهة إنتاج معظم السلع والخدمات، أو لجهة كونها المحرك الاقتصادي سواء للإنتاج أم للاستهلاك مما ينعكس بالتالي على الناتج المحلي الإجمالي.
فما اقتضته مثل هذه القرارات الصادرة على وقع التضخم، من رفع أسعار مواد وخدمات “المازوت والغاز والكهرباء”، فضلاً عما يحققه قانون البيوع العقارية من ضرائب ليست بالقليلة – باعتراف وزارة المالية التي تتغنى شهرياً بذلك – مقابل عدم إعادة النظر بالرواتب والأجور والتباطؤ في تحسين الوضع المعيشي.. تؤكد وعي وإدراك الحكومة لتداعيات التضخم، ومحاولتها بالتالي الحد منها فقط وعلى حساب المواطن، أي أنها تُحمل الأخير هذه التداعيات أو جزءاً منها لتخفف من خسائرها.!.
هناك أيضاً قرارات أُريدَ بها أن تكون أدوات فاعلية بيد السلطة النقدية بهدف ضبط سعر الصرف، كقرار تحديد سقف السحوبات النقدية من المصارف بـ 2 مليون ليرة سورية فقط، وقرار إلزام المسافر السوري تصريف 100 دولار بالسعر المحدد بنشرة أسعار الصرف الصادرة عن نصرف سورية المركزي.. ولا شك أن مثل هذه القرارات لابد منها في مرحلة من المراحل خاصة تلك التي ازدادت فيها حدة المضاربات، ولكن يفترض أن تكون– أي القرارات– آنية ومرحلية، لأن استمرارها يقوض بشكل أو بآخر الحركة التجارية ويحد من تعزيز البنية الإنتاجية القائمة بالأساس على الطبقة الوسطى ولاسيما أن حوالى 95% من هذه البنية تعتمد على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي فإن مثل هذه القرارات تهدد بانقراض الطبقة الوسطى كما أسلفنا.!
وإذا ما حاولنا قراءة قرارات الحكومة هذه، نجد أنها تصب في حماية مواردها – وهذا من حقها– ولكن ألا يتوجب عليها التفكير بمن تولت مسؤولية معيشته..؟
لن نخوض في غمار الحديث عن صعوبة المرحلة وما يواجه الاقتصاد الوطني من تحديات ليست بالقليلة.. فمع إدراكنا لصعوبة الوضع، واضطرار الحكومة –بحكم بعض الظروف الموضوعية – إلى “إدارة الندرة” كما يحلو للبعض تسميتها، لكن الاستكانة إلى هذا النوع من الإدارة يشي بأن الحكومة إما غير قادرة عن تأمين ما يعزز هذه “الندرة” من الموارد، أو أنها استسهلت هذا النهج واستمرت عليه، مع الإشارة هنا إلى حيثية سبق لنا وأن تحدثنا عنها مطولاً مفادها غنى بلدنا بالخامات الطبيعية والبشرية، لكن ما يقض المضاجع هو سوء التوظيف لها، والمرتبط بالضرورة بسوء الإدارة الذي أوصلنا إلى “إدارة الندرة”، والحيلولة – كمحصلة – دون التحوّل إلى “إدارة الوفرة”.
حسن النابلسي – جريدة البعث
طريقك الصحيح نحو الحقيقة