صحيفة رسمية:واقع شح الدواء وارتفاع سعره ينذر بوضع كارثي بالنسبة للمواطنين
طالب المجلس العلمي للصناعات الدوائية مجدداً برفع أسعار الأدوية بحجة عدم خسارة المصنعين، على الرغم من أن وزارة الصحة كانت قد رفعت منذ عدة أشهر سعر الأدوية بنسبة 30 بالمئة لبعض أصنافها، ولبعضها الآخر كانت النسبة أكبر من ذلك، بعد قيام شركات الأدوية بقطع أصناف من الأدوية عن السوق للضغط على وزارة الصحة، ولكن هذه الشركات تدعي أنها طالبت في المرة الاولى برفع أسعار الدواء بنسبة 100%، وهي قد حصلت على ثلاثين بالمئة بحسب زعمها، وتريد الآن الحصول على رفع بنسبة 70% حتى تستمر بالانتاج.
هذا الطلب المتواتر برفع أسعار الأدوية أو التهديد بإيقاف عمليات الإنتاج، إذا لم تلبِّ مطالبهم وبغض النظرعن عدالة المطلب، سوف تدفع المريض المضطر للدواء إلى اللجوء إلى السوق السوداء، أي عودة الازدهار لأسواق الدواء المهرب والمجهول المصدر وغير المراقب صحياً، وبذلك تكون الصناعات الدوائية الوطنية قد أدخلت منافساً لها وهو الدواء المهرب والمستورد معاً!.
في كل مرة يطالب المجلس العلمي للصناعات الدوائية بزيادة أسعار الأدوية يتذرع بالذرائع والمبررات ذاتها وهي الحصار الاقتصادي ومتغيرات سعر الصرف والعقوبات، علماً أن سعر الصرف لم يتغير كثيراً منذ أن طالبت تلك الشركات برفع أسعار الصناعات الدوائية في المرة السابقة، وتكاليف المواد المتممة لصناعة الأدوية، من كرتون وعبوات زجاجية وغيره، لم ترتفع بشكل كبير حتى تتم المطالبة برفع أسعار الدواء بنسبة 70% بحسب ما يتم المطالبة به مؤخراً!.
سوق الدواء في حالة فوضى عارمة، وخاصة بعض الأصناف ذات الإنتاج القليل، أو المفقودة، وأصبحت فاتورة أسعار أدوية أي مرض بسيط بآلاف الليرات، فكيف الحال مع فاتورة الأمراض المزمنة والخطرة ؟!
والمشهد المؤلم والقاسي حقاً مع ارتفاع أسعار الأدوية، هو تفاوت السعر بين صيدلية وأخرى لنفس الدواء في بعض الأحيان، مع تزايد حظوظ الأدوية المهربة التي راج سوقها بشكل أكبر مما سبق، لكن مع أسعار فلكية، أي أن الصيدلي لم يعد يمارس مهنته بالمعنى الحقيقي والعملي للكلمة، بل أصبح تاجر أدوية، والدواء أصبح سلعة تجارية لدى هؤلاء بغض النظر عن آلام الناس، مستغلين الإقبال الكبير على الصيدليات بسبب ارتفاع أجور معاينة الأطباء التي ارتفعت بشكل كبير أيضاً، وأصبح سعر الدواء المعمم من وزارة الصحة كثيراً ما يخضع لتلاعب بعض الصيادلة، أو من قبل المستودعات والمستوردين والمنتجين، برفع سعره مرة واحتكاره مرة أخرى، فكيف الحال مع الأصناف غير المتوافرة أو المفقودة، والخاسر الوحيد في سباق الأرباح هذا هو المواطن.
قصارى القول إن واقع شح الدواء وارتفاع سعره ينذر بوضع كارثي بالنسبة للمواطنين، وهو مؤهل لمزيد من التفاقم الذي سيدفع ضريبته بالنتيجة المرضى، سواء بسبب تردي الوضع المعيشي، أو بسبب نقص الأدوية وشحها وارتفاع أسعارها.
صحيفة الثورة - ياسر حمزه
طريقك الصحيح نحو الحقيقة