“طربوش” مجلس مدينة حلب
لا ننكر الجهود المبذولة على مستوى تحسين الواقع الخدمي، على الرغم من تواضع وضعف الإمكانات المتاحة، ولكن تبقى الكثير من التفاصيل والإجراءات قد لا تحتاج إلى توافر الإمكانات بقدر ماهي بحاجة إلى متابعة وآلية إشراف منظّمة ومحكمة تساعد على تنظيم العمل، وتنفيذ القرارات المتخذة لا أكثر.
أشرنا مراراً وتكراراً لواقع حال عدد كبير من أحياء مدينة حلب، وتدني خدماتها، نذكر منها حي الجميلية الذي يتوسط المدينة، والذي يعاني من فوضى الإشغالات والتعديات على الشوارع والأرصفة من قبل أصحاب المحلات، والباعة الجوّالين، وأصحاب البسطات الثابتة والعربات المتحركة، بالإضافة إلى رداءة الأرصفة والشوارع الفرعية التي تتطلب جهداً بسيطاً لصيانتها وتنظيمها، والأمر ينسحب كذلك على فوضى الإشغالات المشوّهة التي تعيق حركة مرور السيارات والمارة، والتي تحتاج فقط إلى متابعة جدية، وتعاط حازم من قبل مجلس المدينة لقمع هذه المخالفات والتعديات، وهو أفضل بكثير من أن تتحوّل هذه المخالفات إلى مصادر رزق يومية ثابتة للدوريات الرقابية، وغيرها.
بعيداً عن حالات القصور والترهل بالواقع الخدمي في عدد كبير من أحياء حلب، ثمة الكثير من الأمثلة والشواهد لا تعكس الرغبة والجدية في التغيير والتجديد، والنهوض بالواقع الخدمي وفق مفاهيم ورؤى ومعايير تتلاءم مع متطلبات واحتياجات النهوض الحقيقي، ومن هذه الشواهد، على سبيل المثال لا الحصر، السياسة المتبعة في مجلس مدينة حلب بما يخص تعيين وتكليف مديري المديريات الخدمية التي أكثر ما تشبه سياسة تدوير الزوايا، وتبديل “الطرابيش”، وهي سياسة مستغربة دأب مجلس مدينة حلب على اتباعها في التعاطي مع حالات التقصير والإهمال في القطاعات الخدمية بأن تتم مكافأة المديرين الخدميين بدل معاقبتهم، وإجراء تبادل دوري فيما بينهم في المراكز والمواقع، وكأن هذه القطاعات ورثوها عن أجدادهم، وباتت مدموغة بخاتمهم حتى الممات، فهل يعقل أن العمل في مجلس مدينة حلب بات محكوماً بهذه العقلية، وبأسماء وأشخاص بعينهم، في حين الكثير من الخبرات والكفاءات خارج كل الحسابات؟!.
وبعيداً عن شخصنة الأمور، نعود ونؤكد بأن الكثير من الأعمال الخدمية بالإمكان إنجازها بقليل من الجهد والمال، إلا أن ذلك يبقى مشروطاً بتوحيد الرؤى والجهود وصدق النوايا، وهو ما ننتظره من مجلس المدينة لترجمة أقواله إلى أفعال، وإيلاء حي الجميلية، وغيره من الأحياء المهملة، الأهمية والأولوية التي يستحقها، وتخديمه بالشكل المطلوب والمثالي، وإيجاد حلول فورية تضمن عدم قطع أرزاق الباعة الجوّالين وأصحاب البسطات، وذلك من خلال توفير واستثمار بقع وأسواق خاصة منعزلة عن الشوارع العامة والرئيسية، فهل يفعل؟!.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة