عطل مكلفة؟!
خاص غلوبال – رحاب الإبراهيم
لعل من أكثر الأمور التي تسعد قلب المواطن “الصابر” على كل هذه الأزمات، بعد قرارات زيادة الرواتب إن كانت مجزية طبعاً، قرارات العطل الطويلة، وخاصة أن ذهاب الموظفين بأجر إلى المؤسسات التي يعملون بها أصبحت مرهقة وتفوق أجورهم الشهرية نتيجة غلاء أجور النقل مع صعوبة الركوب في أحد وسائله نتيجة أزمة النقل الخانقة في كل المحافظات دون استثناء، وإن كانت في مدينة دمشق الأشد اختناقاً بحيث أن تمكن المواطن من إيجاد وسيلة نقل بسهولة يعد حظه سعيداً ومرضي الوالدين.
اليوم صدر قرار عطلة جديد لمدة يومين بعد عطلة طويلة استمرت لعشرة أيام تقريباً، وطبعاً هذه العطلة ستبهج قلوب كل العاملين من دون استثناء وخاصة مع عطلة نهاية الأسبوع، ولكن بالمقابل لا يمكن نكران أن مصالح العباد ستتعطل نتيجة هذه العطلة الطويلة، عدا عن تأثيرها السلبي على أداء المؤسسات العامة المترهلة أساساً، فإذا عجز الرسميين عن إيجاد حلول مجدية لتحسين واقع الموظفين المعيشي والإنتاجي، فالحل حتماً ليس في قرارات العطل الطويلة، التي تزيد من ورطة الاقتصاد المحلي المنهك، والذي يحتاج إلى حزمة من الإجراءات والقرارات الصائبة لدعم قطاعاته المنتجة والنهوض بهمم الموظفين والعاملين بأجر وليس زيادة نسبة الكسل والتقصير، علماً أن إنتاجية الموظف السوري كانت لاتتجاوز حسب دراسات عديدة 28 دقيقة يومياً، فكيف في ظل هذه الظروف الصعبة ونفسية الموظفين المتعبة، لدرجة يأتون مجبرين ويجرون أنفسهم للمجيء إلى وظائفهم العامة في ظل ضعف الأجور التي لم تعد تكفي ليوم واحد فقط.
ومن هنا تبدو دراسة تخفيض ساعات الدوام جديرة بالاهتمام والتنفيذ أيضاً، حيث يمكن ضرب عدة عصافير بحجز واحد منها مصلحة الموظف أولاً، في حين لا تبدو فكرة تعطيل الدوام لمدة 3 أيام مجدية وتعتريها سلبيات كثيرة حتى لو هلل ذوو الدخل المحدود لها نتيجة الظروف المعيشية الصعبة التي يمرون بها، لذا يأمل أن تنتهي تلك الدراسة بأسرع وقت ويتخذ قرار بشأنها على أمل أن يحسن ذلك من إنتاجية العاملين، وخاصة إن أرفق ذلك بإصلاح سلم الرواتب والأجور عبر زيادة رواتب منطقية ورفع التعويضات والحوافز حسب المراتب الوظيفية والإنتاجية.
قرارات العطلة طولت أم قصرت، تعد وسيلة هروب إلى الأمام للتخفيف من النفقات والتكاليف كرفع قرارات أسعار المشتقات النفطية والخدمات تكريساً لمنطق “الجباية” بدل دعم الانتاج وإنتاج حلول على المدى الطويل للإنقاذ الاقتصادي والمعيشي المأمول والمنتظر، الذي باتت تخف أفقه تدريجياً نتيجة سياسة الهروب المتبعة وقرارات الترقيع التي نحصد نتائجها الكارثية اليوم على كافة الصعد، ورغم ذلك لا تزال إمكانية إيجاد السبل لتحسين الواقع الاقتصادي والمعيشي ممكناً وليس بالأمر المستحيل، وخاصة في ظل امتلاك البلاد ثروات زراعية وصناعية هائلة تحتاج إلى من يقدر على استثمارها وتنميتها، وثروات بشرية لكنها مهملة ويتخذ كل السبل لتطفيشها، ما يتوجب اتباع سياسة وخطط اقتصادية مدروسة بدقة يقودها فريق اقتصادي محنك لفرملة التداعيات الاقتصادية المكلفة بعيداً عن قرارات العطل الطويلة للمولدة للكسل والجباية المكلفة.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة