عندما تكون الخطابات بعيدة عن الإنتاجية والتفاعلية!
![](https://globalsy.net/wp-content/uploads/2023/10/الخطابات.jpg)
خاص غلوبال – هني الحمدان
قد تستوجب الظروف الاقتصادية الراهنة التركيز على عوامل تنمية وتحفيز الاقتصاد والمؤشرات الرامية لذلك، لكنني أرى أن تناول مواضيع تعنى بأسس إدارة منظومة خدمات الأفراد والارتقاء بها ومحاولة تطويرها لا يقل أهمية، كون الاقتصاد منظومة متكاملة والوضع الحالي يستلزم تسليط الضوء على أفضل الممارسات المتعلقة للارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة.
لا عوامل النمو تم استثمارها بشكلها السليم، ولا الخدمات الرسمية كانت بالصورة المثلى، وكل ماتم فعله تقديم مسوغات وحجج أمام واقع صعب يعرفه الداني والقاصي، وهنا هل نبقى نردد أسباب المعوقات ونرددها بألحان ونغمات متلونة، أم نعمل ونجتهد ونضع سيناريوهات أكثر صوابية علنا نخرج باقتصادنا البائس لواقع أكثر رحابة وإنتاجية..؟!.
طل علينا وزير المالية بمجموعة مبررات وحجج حفظناها عن ظهر غيب كما يقال، بأن الأوضاع الراهنة والحرب فرضت ضغوطاً كبيرة من رفع معدلات التضخم والغلاء وأثره على سعر الصرف، وتدمير ممنهج تعرض له القطاعان العام والخاص وسرقة الثروات العامة كل ذلك أثرت على معدلات الإنتاج والاستثمار والجباية، وأردف بأن الحكومة تقوم بكل ما يمكن لتحسين مستوى المعيشة وفق الإمكانات المتوافرة مع العمل لتحسين مناخ الأعمال..!.
لا جديد بما أعلنه وكرره وزير المالية من حال يعتري ويعاني منه الاقتصاد، ولا من توجهات جديدة تبعث في الصدور أوكسجيناً يريح رئات العباد، هذا يقودنا للقول: بلوغ الأهداف لن ولايتحقق بتسويق مبررات ولا التلطي وراء مجموعة اسباب قد يكون بعضها مقنعاً،لكن جل الدول تعاني من مسببات قد طرأت إلا أنها تحركت وفعلت وخففت فعلاً من واقعها الانكماشي الذي دخلت له بقوة المتغيرات والأحداث وسياق مفرزات مايحصل على الساحات والميادين بالعالم.
خطابنا الرسمي مازال محافظاً على وتيرته المعهودة تكرار وإعادة البيانات المكرورة، بعيد كل البعد عن واقع الغد وكيفية التصدي لما يحدث للتخفيف من شدة التحديات والعقبات، لم يعلمنا وزير المالية أين وصلت نسبة تنفيذ البرامج والسياسات المالية والمشاريع التي تقوم بها الوزارة، ولاحتى عن ضياع المليارات جراء التهرب الضريبي وعدم الدقة في التحصيلات المالية وغيرها من إعفاءات ضريبية..؟!.
لم يصل بعد المسؤول أو مقدم الخدمة لدينا إلى تسويق أمر أو خطة أو سواه ليقنع أحداً، مايميز مقدم الخدمة مثلاً في الدول المتقدمة هو غرس مفهوم الفاعلية والإنتاجية، أي بمعنى آخر لديهم دافعية للعمل وهو أمر ملموس ضمن جميع قطاعات الأعمال سواء خدمات مصرفية، فندقية، صحية، تعليمية أو حتى خدمات النقل والعمالة، أي ترى بشكل واضح الاستمتاع بإنجاز العمل وخدمة المواطن على أكمل وجه، وتسويق معلومات مقنعة تدل على حس المسؤولية واجتراح حلول ومبادرات جديدة..!.
المرحلة اليوم تتطلب من كل الجهات من مؤسسات وأفراد ومسؤولين ومشاركين وفاعلين ومهتمين وغيرهم الفاعلية الصحيحة، أي يكون كل شخص مهما كانت صفته وتوصيفه ودوره فاعلاً منتجاً ولو برأي أو كلمة، التوجه الكلي حيال التمسك بكل خطوط الإنتاجية والعمل السوي، لاعمل الوجهنة والفساد، المسؤول مطالب وماذا قدم من أعمال،ولتكن هناك محطة تقييم لكل مسؤول، وأيضاً الفرد مطالب بالسعي ومشاركة الجهود الرسمية.
التغني بترديد عبارات الظروف والحرب لم تطعمنا إلا الويل والفقر، لنضع الإنتاجية ديدن كل شخص، وأيضاً لا ضير بأن تكون الإنتاجية ضمن مناهج التعليم الأساسية بكل ثقلها وأهميتها لخلق جيل محب للإبداع بأي موقع يتواجد به، فالكفاءة مرتبطة بالقدرة على التعلم المستمر وحسن الأداء وزيادة الإنتاجية.
كلنا في خطر، وأقصد خطر الجوع والفقر والعوز المديد، فإلى متى نبقى نردد الشعارات والأعذار؟.
إنني أرى بأن الكفاح يكمن بتطوير الذات وصقل المواهب والمهارات الكفيلة بالنجاح وهو ما ينقصنا اليوم الشباب مطالبين العمل بأكثر من وظيفة للحصول على دخل كافٍ لتغطية المصاريف، ويجب العمل باستمتاع وتفانٍ لإنجاز الأعمال الموكلة مهما كانت بسيطة، فعلينا الانتباه واستغلال الوقت لأن مردود ما نتناوله سيعود بالنفع لجميع أطراف المنظومة الاقتصادية ابتداء من الفرد، الأسرة، مؤسسات القطاع العام والخاص والوطن.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة