عندما يكون الانتماء للمؤسسة يعادل الروح
خاص غلوبال – زهير المحمد
يحلو للكثيرين أن يبثوا حالة من اليأس لدى العاملين في مؤسسات الدولة، نتيجة الانخفاض الحاد في القيمة الشرائية للراتب الذي بات عاجزاً عن تأمين المتطلبات الغذائية الضرورية لأيام معدودة، وبعض الاقتصاديين قالوا إن الراتب بات بالكاد يكفي أجور للمواصلات من السكن إلى مكان العمل بعد أزمة المواصلات على مدار ساعات النهار.
وعلى الرغم من أن هذا توصيف مرير لحالة العاملين بأجر، إلا أن النسبة العظمى من العاملين في جهات القطاع العام تمسكوا بمؤسساتهم ويعملون بكامل طاقتهم، معتبرين أن الوضع المعيشي الذي يعانون منه هو حالة مؤقتة قد تكون حالة مرضية يمكن الشفاء منها، وأن إهمال التمسك بالعمل وعدم الإخلاص فيه لايحل المشكلة ويحول المرض إلى مرض مستعص لايمكن الشفاء منه.
أسوق هذا الكلام وأنا أتألم لواقع جميع العاملين بأجر دون أن أتخلى عن الأمل بتغير الأوضاع، وأردد ما يردده الكثيرون بأنه ما بعد الضيق إلا الفرج.
قد يتهمني البعض بأنني أتحدث عن شيء من الإخلاص في العمل وعن الانتماء الصادق للمؤسسة، لكن من شاهد صورة أحد العاملين في مصفاة حمص وقد احترق وجهه وأجزاء من جسده، وتابع تصديه للنار التي اشتعلت في مصفاة حمص قبل أيام، ولم يفتش عن خلاص فردي أو يستسلم للنار التي لايمكن التكهن بحدود انتشارها في مكان كمصفاة حمص كل شيء فيها قابل للاشتعال، يصل إلى القناعة الأكيدة أن الانتماء للمؤسسة عند الشرفاء يعادل الروح، بل تصبح الروح رخيصة إذا كانت تخفف من الخطر.
أنا شخصياً لا أعرف هذا العامل الذي ظهر مبتسماً شامخاً بعد أن ساهم في إطفاء الحريق، مع أنه بكل تأكيد يعاني من تدني الأجور ومن مصاعب الحياة ومن قلة الغاز والمازوت في بيته، وربما كانت الابتسامة تزيد من ألم الحروق الذي هددت حياته، لكنه عبر بشكل تلقائي عن انتماء للمؤسسة التي يعمل بها سواء أكان من العاملين في مصفاة حمص أم في فوج الإطفاء أم كان مواطناً حضر وقائع الحريق ورفض أن يبخل في تقديم ما يملكه من جهد.
الانتماء للأسرة والمؤسسة وللوطن حلقات مترابطة والتمسك بها وتعزيز آثارها الإيجابية تبدو ضرورية في الظروف الأكثر صعوبة، تحية لهذا الرجل وألف سلامة له لأنه يجدد الأمل بتجاوز الصعوبات والانتصار على المستحيل.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة