غلوبال اقتصاد…”أغلى من الذهب”
خاص غلوبال – مادلين جليس
عند نجاحي في الإعدادية بتقدير جيد جداً، أهدى لي والدي حلقاً جميلاً ناعماً على شكل سلّة، حينها لبست الحلق دون أن أسال عن سعره أو عياره أو أي شيء آخر يتعلق به، بعدها بسنوات وعند نجاحي في الثانوية العامة، كانت بانتظاري هدية أخرى، عقد من الذهب يتدلّى منه أول حرف باسمي، حينها أيضاً لفتتني الهدية الجميلة دون أي اعتبارات لتكلفتها.
أمس تشكو لي صديقتي عن حيرتها الشديدة في الهدية التي ستهديها لابنتها بمناسبة تخرجها من الجامعة، ولأنني أعرف وقع هذا النمط من الهدايا اقترحت أن تهديها قرطاً أو عقداً أو حتى أسوارة ناعمة، وياحبذا لو كانت الهدية مزدوجة، كونها كانت متفوقة وحصلت على الترتيب الثالث على مستوى الكلية.
كانت دهشة زميتلي كبيرة وأن أسرد أمامها اقتراحاتي البعيدة عن الواقع، ولكن ردها كان مفاجئاً لي أكثر: هل تريديني أن أبيع كليتي لأشتري هدية لابنتي؟ كانت الجملة مضحكة بالنسبة لي إلا أنني تنبهت لاحقاً أنها صحيحة، خاصة بعد أن تجاوز سعر غرام الذهب عيار 21 الـ 820 أف ليرة سورية.
هل لكم أن تتخيلوا يا أصدقائي أن غرام الذهب الواحد الذي تجاوز اليوم 800 ألف، كان قادراً قبل سنوات على شراء منزل بكامل فرشه، بل وفي أجمل المناطق وأغلاها في دمشق، ولا تقولوا أنني أبالغ في ذلك!.
وهل لكم أن تتخيّلوا أن خاتماً يصل سعره لحوالي عشرة ملايين ليرة سورية، هذا خاتم الخطوبة، عدا عن باقي التكاليف التي ستورّط العريس في فخٍ من الديون لا ينتهي مع انتهاء عمره، كان قادراً قبل سنوات أيضاً على تشييد أفخم المطاعم بأجمل وأبهى الديكورات!.
في نهاية الحديث لم يكن أمامي سوى اقتراح الذهب “البرازيلي” كبديل عن هدية الذهب الموعودة، والاكتفاء بحلق صغير قد يتجاوز ثمنه الخمسين ألف ليرة، إضافة إلى تذكير أصدقائي المقبلين على الزواج أن الحب لا يتمثّل بالذهب، وأن المحبة والتفاهم والوئام أكبر من أسوارة أو حلقٍ، وأن فرحنا بنجاح أولادنا وتفوقهم لا يمكن لكل هدايا الدنيا أن تعبّر عنه، والأهم من ذلك كلّه، نصحت الجميع بنسيان عبارة “الذهب للذهب”، والاستعاضة بدلاً عنها بعبارة “أنت أغلى من كل الذهب”.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة