فاحت ريحة البطاطا المصرية الهلامية!
خاص غلوبال – زهير المحمد
يبدو أن رائحة المخازن قد فاحت وملأت فضاء المناطق المحيطة برائحة العفونة، وتحولت البطاطا المصرية التي استوردها التجار بالعملة الصعبة إلى مادة هلامية تقريباً، نتيجة التخزين السيىء الذي كان بقصد التحكم بالأسعار ورفعها بنسبة تزيد على 25 بالمئة، وكذلك لرفع أسعار البطاطا التي تم إنتاجها محلياً.
في الأسبوع الماضي، طالب عضو في لجنة تجار ومصدري سوق الهال بدمشق الجهات المعنية بحماية المستهلك مداهمة تلك المستودعات، وإجبار التجار على طرح الكميات المناسبة من البطاطا المصرية لإعادة التوازن إلى سوق البطاطا كي يحصل المستهلك عليها بأسعار معقولة.
لكن التجار لم يفتحوا مستودعاتهم تلقائياً أو خوفاً من المداهمة، وإنما لأن البطاطا المصرية تحولت من بطاطا جيدة للقلي إلى بطاطا عصيرية لاتصلح لأي شيء، مما دفع هؤلاء المحتكرين إلى إغراق الأسواق وفي معظم المحافظات بتلك البطاطا التي تسيل منها السوائل المتعفنة، وهم يعلمون جيداً أنه لولا حاجة الناس إلى السلع الرخيصة لكان عليهم أن يدفعوا أجور ترحيلها وإتلافها.
من المؤكد أنهم حصلوا على أرباح كافية بالكميات التي طرحوها في الأسواق بالقطارة، وأنهم حققوا مبتغاهم برفع الأسعار والأرباح، لكنهم لم يحسبوا حساباً للخسارة الوطنية التي تنتج عن استيراد السلع لترميم الحاجة للأسواق وبالعملة الصعبة، ثم يتحول قسم منها إلى مكبات القمامة وبعد حرمان المستهلكين من سلعة أساسية وبأسعار مقبولة.
الملاحظة الثانية التي يمكن الحديث عنها ومن خلال معاينة الكميات المطروحة من البطاطا المصرية التي تم استيرادها قبل أسابيع تحتوي على أحجام وأشكال تدل على أنها ليست من النوع الأول، لأن المصدر يحرص على تصدير النوع الأول بينما ما اشتراه المستهلك سابقاً وحالياً هو من النوع الثاني أو الثالث وبسعر النخب الأول.
ما نريد قوله أخيراً إن ما يجري في الأسواق لايسر خاطر المستهلكين ويتسبب بخسائر وزيادة في إفقار أصحاب الدخل المحدود، وقد بتنا بحاجة إلى تعميم سلوكيات إيجابية في عمليات الاستيراد والتصدير والبيع والشراء وبما ينصف المستهلك والمنتج والمستورد والمصدر، وأن تكون هناك ضوابط أخلاقية واقتصادية تحكم الأسواق، وأن يكون الربح أحد أهداف العمليات الاقتصادية، وليس الهدف الوحيد دون الأخذ بعين الاعتبار كافة أطراف المعادلة، وإلا فإن ما يجري الأن قد يحقق ربحاً فاحشاً للبعض تترافق مع خسارة للجميع بل مع خسارة وطنية تنعكس سلباً على الجميع.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة