فروجنا العزيز… الغالي يرخصلك بس ما في فلوس
خاص غلوبال – زهير المحمد
شهرين ونيف وأسعار الفروج في أدنى مستوياتها، حيث انخفض سعر الكيلو للفروج الحي من خمس وأربعين ألفاً إلى ثلاثين ألف ليرة زائد أو ناقص ألفي ليرة، باختلاف مكان البيع من مدينة لمدينة ومن بائع لآخر، وهذه الأسعار التي تعتبر منخفضة كبدت أصحاب المداجن خسائر بالملايين وفق تصريحاتهم، مع أن تربية أفواج الفروج بالصيف لاتحتاج إلى تشغيل وسائل التدفئة كما في فصل الشتاء، لكن المربين يقولون بأن نسبة نفوق الطيور في الصيف ترتفع بشكل ملحوظ عند ارتفاع درجات الحرارة.
هذه التفصيلات لم توصلنا إلى مربط الفرس كما يقولون، لأن العثور على مربطها يجب أن يدفعنا للتدقيق بما قاله رئيس لجنة مربي الدواجن قبل أيام وفي ظل هذا الرخص الإفتراضي الذي أشرنا إليه، حيث قال بأن دجاجنا أغلى بنسبة تصل إلى أربعين بالمئة قياساً بأسعاره في دول الجوار.
وأعتقد أن معظم إنتاجنا الزراعي والصناعي وحتى أسعار الخدمات باتت أعلى من أسعار ما يماثلها في دول الجوار، مع مفارقة فظيعة بأن الدخل لدينا هو الأقل وربما لامجال لمقارنته مع دخل الفرد في دول الجوار، لدرجة شجعت رئيس لجنة مربي الدواجن للقول إن الموظف لايستطيع شراء فروجين بالشهر.
قبل الحرب على سورية كانت أسعار السلع الغذائية هي أرخص بكثير من دول الجوار، وكان الكثير من اللبنانيين والأردنيين والعراقيين يقصدون سورية لشراء الكثير من السلع بما في ذلك الألبسة، وكانت بعض المنتجات يتم تهريبها أو تصديرها إلى دول الجوار، وكان أحد أهم أسباب رخص المنتجات سياسة الدعم التي كانت تطبقها الحكومة وخاصة حوامل الطاقة الرخيصة والوفيرة ورخص اليد العاملة، وكانوا يقولون إن القيمة الشرائية للدولار عندنا تعادل أربعة أضعاف قيمته في الأردن أو لبنان.
وكان كيلو الفروج يتراوح بين ستين إلى ثمانين ليرة، أي أقل من دولارين، وطبق البيض بمئة ليرة أي دولارين، والآن ورغم الانخفاض الكبير بالأجر قياساً بالدولار فإن الأسعار حتى قياساً بالعملة الصعبة أعلى ومع ذلك لاتغطي التكلفة.
وبالتالي فإن عجز أصحاب الدخل المحدود العاجزين عن شراء الدجاج وهي في أدنى أسعارها، هو عجز ينسحب على كل السلع بما في ذلك العجز عن شراء الألبسة أو المواد الغذائية والأخرى، وهذه الحالة لن يحلها مستقبلاً أي رفع جديد للرواتب والأجور أو تقاضي البدل النقدي لفروق الأسعار بعد تعويم أسعار المواد المدعومة، بل سنجد العجز بين الدخل والإنفاق سوف يزداد وبشكل فظيع.
إن توفير حوامل الطاقة وبأسعار مدعومة لكل القطاعات ولجميع فئات الشعب وتأمين مستلزمات الإنتاج بأسعار معقولة، قد يعيد الحصان إلى مقدمة العربة كي يجرها، وإلا فإننا سنبقى ندور في حلقة مفرغة تزيد من عجز الدخل عن تلبية الحد الأدنى من متطلبات الحياة، ونعجز عن شراء السلع في أوج انهيار أسعارها لأنها ورغم الانخفاض تبقى أغلى من أسعارها في دول الجوار وربما في دول الخليج للأسف.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة