قرار مالي يصفه محامون واقتصاديون بـ «أحكام قراقوشية وتشبيح ضريبي»، والمالية تردّ
يبدو أنّ وزارة المالية قد أساءت فهم قانون البيوع العقارية الذي أصدرة الرئيس الأسد، حيث أصدرت تعميماً أثار ضجّة كبيرة ومطالبات بإلغائه لأن سيوقف العملية الاقتصادية.
وطلب وزير المالية، الدكتور كنان ياغي بموجب التعميم، اعتبار عملية “النكول عن المبيع” بمثابة عملية بيع واجبة التكليف بضريبة البيوع العقارية وفق القانون بتاريخ التصريح بالنكول.
هذا القرار، أثار ضجة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكونه يفرض ضريبة البيوع العقارية سواء تم الشراء أم لم يتم، وقال أحد المواطنين لموقع سناك سوري، أنه فقط في سورية، تدفع لدى هيئة الضرائب ضريبة على مشروع عقد بيع عقار، ثم تدفع ضريبة أخرى لأن المشروع فشل والبيع لم ينعقد، متسائلاً «هل انقلبت مديرية المال لسجل عقاري؟ وهل العدم يدفع ضريبة عليه؟».
وأضاف: الأولى كان أن يقرر وزير المالية إعادة الضريبة المدفوعة لأن مشروع البيع لم يكتمل لا أن يفرض ضريبة ثانية على النكول، وما سماه نكولاً ليس إلا إلغاء لمشروع العقد وليس فسخاً للعقد، لأن عقد البيع ينعقد في السجل العقاري وليس في مصلحة الضرائب، لكن يبدو أن التشليح لادين له.
وزيرة الاقتصاد السورية السابقة لمياء عاصي، وصفت القرار في صفحتها على “فيس بوك”، بـ«أحكام قراقوشية»، أما المحامي عارف الشعال، فقد اكتفى بنشر صورة التعميم تحت عنوان: “تشبيح ضريبي“.
المحامي فواز الخوجة قال لموقع بزنس، إن التعميم هو “قضاء على عجلة البيع والشراء، ووقف العملية الاقتصادية”، وتساءل: “أين مطرح الضريبة هنا؟ وأين استحقاق الضريبة؟ وأضاف: ألا يوصف هذا بأنه تعسف في الضريبة، أم اعتداء على حقوق الناس أو تجاوز وقتل للعدالة الضريبية؟.
وقالت صحيفة الوطن، أنه على ما يبدو بدأت الأخطاء بالظهور لدى الدوائر المالية مع دخول قانون البيوع العقارية حيز التنفيذ في شهر أيار من العام الجاري منها ما هو تقني يتصل بتطبيقات البرنامج الذي تستخدمه الدوائر المالية ومنها يتصل بتقديرات لجان تقدير القيم الرائجة للعقارات من جهة قيم هذه العقارات ومساحاتها وغيره.
وعلى ما يبدو أن الحكومة هي المستفيد الوحيد من هذا القرار، رغم أن التصريحات التي تلت القانون، قالت أنه تمت دراسته بعناية وسيسهم في الحد من عمليات المضاربة والتخفيض النسبي من الأسعار وأن تحديد الضريبة على البيوع العقارية بنسبة من القيمة الرائجة يرفد الخزينة العامة بلا شك بالأموال الناتجة عن ذلك، لجهة أن فرض ضريبة 1% على العقارات السكنية تامة البناء و1.5% على العقارات على الهيكل، من شأنها تحقيق دخلاً مضاعفاً بعدد من المرات عما كان يحقق سابقاً، فمثلا منزل سعره مليون ليرة بحسب التخمين السابق لدى الدوائر المالية، كان يتم دفع نسبة ضريبة 2.5% ما يعني قيمة 25 ألف ليرة، بينما الآن وباعتبار سعر المنزل أضحى 100 مليون ليرة بحسب التخمينات الحديثة فإن ضريبة البيع تعادل مليون ليرة في حال كان المنزل تام البناء، وهذا يعني نقلة نوعية في عائدات الجباية من خلال البيوع العقارية، ما يعني زيادةً في حجم الإيرادات العامة لتلبية متطلبات الإنفاق العام في موازنة العام 2021 والبالغة 8500 مليار ليرة، كما أن القرار يشمل جميع البيوع من عقارات سكنية أم أراض وأسطح، وبيع حق الإيجار وبيع حق الرقبة، الخ، كما أنه يشمل كذلك التركات سواء للأصول والفروع والإخوة ولبقية الورثة.
هذه الضجة التي أثيرت حول الموضوع، استدعى ردّ وزارة المالية، حيث قالت: توضيحاً لما تم تداوله عبر وسائط التواصل الاجتماعي حول موضوع قرار النكول في عقود بيع العقارات لدى الدوائر المالية، واستحقاق ضريبة البيوع العقارية عليها، فإن المقصود بالنكول هو طلب إلغاء عملية البيع بعد إتمام توثيقها وتسجيلها لدى الدوائر المالية، بما في ذلك الحصول على الموافقات اللازمة، أي بعد أن تكون عملية البيع تامة الأركان، ومستحقة للضريبة.
وقالت الوزارة: عملياً، يلجأ بعض أصحاب المكاتب العقارية والمضاربين لتكرار عمليات النكول في البيع بهدف التهرب من الضريبة على البيوع العقارية ورسم التسجيل العقاري، وذلك بتجيير عملية بيع العقار من مشتري إلى مشتري آخر، وبهذه الحالة يتم إعادة بيع العقار والنكول به عدة مرات قبل تسجيله في المصالح العقارية.
وأضافت: قانونياً، يعتبر البيع العقاري الذي يترتب عليه ضريبة البيوع العقاري قد تمّ بموجب التشريعات السورية الاجتهادات؛ باكتمال المعاملة المالية وتسديد الضريبة المتوجبة بعد الحصول على الموافقات اللازمة أصولاً واستلام الوثيقة المشعرة ببراءة الذمة لاستعمالها في إجراء معاملة التسجيل العقاري أصولاً، فإذا تبع ذلك نكول المتعاقدين عن البيع فإن الضريبة المستوفاة لا ترد لدافعها.
وتابعت القول: في حال امتنع أحد طرفي عقد البيع عن إتمام المعاملة المالية وتم اللجوء إلى القضاء المختص، فإذا ثبت البيع بحكم مكتسب الدرجة القطعية توجبت الضريبة كاملة، أما إذا انتهى الحكم إلى اعتبار عقد البيع غير مستكمل لشرائطه القانونية وإلى رفض تسجيل العقار على اسم المشتري؛ فتعاد السلفة المستوفاة على حساب الضريبة من قبل المحاكم عند تسجيل الدعوى إلى مسلفها، أم إذا كان المدفوع كامل الضريبة إلى الدوائر المالية، فلا تردّ قيمتها إلى دافعها، ويبقى لمن سددها الحقّ بالرجوع على المتعاقد معه في حال ثبوت أن عدم اكتمال عملية نقل الملكية ناشئ عن خطأ أو إهمال من قبل المتعاقد الآخر.
يذكر أن الرئيس بشار الأسد أصدر في شهر آذار، قانونا للبيوع العقارية الذي يحدد الضريبة استنادا للقيمة الفعلية الرائجة للعقارات، وحسب القانون فإن لجانا “متخصصة وخبيرة” هي التي تحدد القيمة الفعلية للعقارات، وأنّ ذلك سيحقق “عدالة ضريبية غير مسبوقة”.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة