ماموقع سورية في ”طريق التنمية“؟
خاص غلوبال – علي عبود
لايمكن لمبادرة العراق الاقتصادية والتجارية بعنوان ”طريق التنمية“ أن تنفذ دون ”تصفير“ المشاكل بين دول المنطقة، وانعقاد مؤتمر ”طريق التنمية“ مؤخراً في بغداد مباشرة بعد قمة جدة، وانفتاح الحكومات العربية على سورية، يأتي ترجمة لشعار سبق وطرحته سورية قبل عام 2010 وهو ”التشبيك“ بين دول الإقليم الجغرافي التي تربطها مصالح اقتصادية مشتركة.
والسؤال: ماموقع سورية في ”طريق التنمية“؟
بما أن نقطة انطلاق ”طريق التنمية“ تبدأ من ميناء الفاو في جنوب العراق، فإن الخيار العراقي المطروح حالياً لنهاية الطريق سيكون ميناء مرسين التركي، لكن وزير النقل السوري زهير خزّيم طرح في المؤتمر خياراً بديلاً مسافته أقصر، أي أقل تكلفة وأجدى إقتصادياً.
وتتضح أهمية سورية في ”طريق التنمية“ ليس بموانئها المتوسطية الحيوية لأي مبادرات ومشاريع تجارية وتنموية فقط، وإنما بما تملكه من طرق برية وسككك حديدية تحتاج إلى إعادة تأهيل فقط لتفعيل هذا الطريق لتستفيد منه الدول العربية بالإضافة إلى إيران وتركيا.
ونشير إلى أن مشروع الربط السككي بين إيران والعراق وسورية الذي كان عصياً على التنفيذ في ظل التوترات السياسية والأمنية بين دول المنطقة، أصبح بعد ”تصفير“ الأزمات وخاصة بين السعودية وإيران والعراق وسورية قابلاً للتنفيذ، وهو لايقتصر على الدول الثلاث فقط، فالسكة الحديدية الرئيسة القادمة من موانئ إيران إلى طرطوس واللاذقية مروراً بالعراق يمكن وصلها بفروع السكك الحديدية التي تربط سورية بلبنان وبتركيا ”ومنها إلى أوروبا“، وتربط أيضاً سورية بسكك الأردن ومنها إلى الخليج ومصر..الخ.
وكما نرى فإن سورية هي عقدة ومركز المواصلات الأهم لطرق التجارة والتنمية، وما يؤكد هذا الواقع أن أحد أبرز أسباب الحرب الإرهابية العالمية عليها كان بهدف السيطرة على مشاريع خطوط الغاز الخليجية، وخاصة ”القطرية“ التي كانت ستستمر فيها باتجاه تركيا فأوروبا.
وقد لفت وزير النقل السوري إلى وجود مشروع مهم لطريقين سريعين في سورية، أولهما طريق (شرق غرب) الذي يربط الحدود العراقية عبر حمص مع ميناء طرطوس بطول 351 كم، أما الثاني فهو طريق (شمال جنوب) الذي يربط الحدود التركية شمالاً مع الحدود الأردنية جنوباً عبر حلب وحمص ودمشق بطول 432 كم، وبالتالي فهذا المشروع هو تكملة لمبادرة ”طريق التنمية“.
وكانت مداخلة وزير النقل السوري في منتهى الأهمية حول تعديل مسار الطريق الذي يربط ميناء الفاو ليكون باتجاه سورية بدلاً من تركيا وأوضح للمشاركين في المؤتمر ”أن المسافة بين كل من ميناء الفاو في جنوب العراق وميناء مرسين تبلغ نحو 2200 كم منها 1200 كم ضمن الأراضي العراقية في حين تبلغ المسافة المباشرة من ميناء الفاو إلى ميناء طرطوس نحو 1300 كم“.
وعرض الوزير على المشاركين في المؤتمر مقترحاً بعبور هذا المسار عبر سورية وربط ميناء الفاو مع الموانئ السورية على البحر الأبيض المتوسط، مؤكداً بأن ”مروره في سورية سيحقق استفادة ومزايا إستراتيجية أكبر للعراق الشقيق، كما تستفيد منه دول الخليج العربية ودول الجوار“.
ونشير إلى أن مبادرة ”طريق التنمية“ كانت تقتصر على العراق وتركيا فقط حيث يبدأ الطريق التجاري من محافظة البصرة جنوب البلاد، مروراً بذي قار والقادسية وواسط ثمّ العاصمة بغداد، ومنها إلى صلاح الدين وكركوك ونينوى، وصولاً إلى الحدود العراقية مع سورية وتركيا من جهة منطقة فيشخابور، لكن بعد قمة جدة وتصفير الأزمات بين دول المنطقة، فإن مؤتمر وزراء النقل لدول الجوار العراقي في بغداد سيطور المبادرة وخاصة بعد المقترح السوري بأن تكون نهاية الطريق مرفأ طرطوس وليس مرسين، كي تستفيد منه أكبر عدد من دول المنطقة.
الخلاصة: إذا كان مشروع ”طريق التنمية“ مهماً للعراق لأنه سيحقق له أرباحاً لاتقل عن أربعة مليارات دولار، ويشغّل آلاف الأيدي العاملة، إلا أن أهميته الكبرى ستكون بتشبيك اقتصادي وتجاري غير مسبوق لدول المنطقة بعد تصفير الأزمات الأمنية والسياسية بينها، والذي تجسد بالاتفاق السعودي الإيراني الذي فاجأ الكثيرين في المنطقة والعالم، والأكثر أهمية أن المشروع يستأثر بدعم الصين لأنه جزء لايتجزأ من مشروعها الاستراتيجي ”طريق الحرير“ الجديد، وسورية ستكون محور أي مشاريع تنموية في المنطقة.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة