متى تتحرر أموال العمال من قبضة وزير المالية؟
خاص شبكة غلوبال الإعلامية ـ بقلم علي عبود
لم يطرح مجلس الشعب ولا مرة موضوع مديونية الجهات العامة والتي لاتسددها للتأمينات الإجتماعية، والأهم لم يطالب المجلس ولا مرة بتحرير أموال عمال التأمينات من قبضة وزير المالية!
ولم يكتف وزير مالية سابق بإلحاق المصارف بوزارة المالية، وكانت تاريخيا تتبع لوزارة الإقتصاد، بحكم كونه كان يشغل منصب عضو قيادة قطرية، بل أطفأ 60 مليار ليرة من ديون مؤسسة التأمينات للحكومة في احدى موازنات الدولة، وقال كلمته المشهورة للتنظيم العمالي: انسوها!!
وكان بإمكان التنظيم العمالي إثارة الموضوع في مجلس الشعب، ولا يزال بإمكانه فعلها لأن الـ 60 مليارا هي حصيلة اشتراكات العمال وأرباب العمل في القطاعين العام والخاص، وليست من أموال خزينة الدولة كي تُصادر لصالح صندوق الدين العام لتوظيفها في استثمارات حكومية أو لسد عجزالموازنة، أوللإنفاق الإستهلاكي العام!
وبصراحة لانفهم أسباب صمت التنظيم العمالي عن استباحة أموال العمال، فلم يرفع قضية باستردادها لدى القضاء العادي أو محكمة إدارة الدولة، كما لم يطلب من ممثليه في مجلس الشعب لتشكيل لجنة تدرس استرداد ديون التأمينات من الجهات العامة، والأهم تحريرها من قبضة وزير المالية!
وبما أن التنظيم العمالي لم يفعلها، فإننا لم نستغرب صمت مدير التأمينات عن رفع مذكرات تطالب الحكومة باسترداد الديون، وبرفع وصاية وزير الماليةعن التأمينات، لأنه معيّن أساسا وخلافا لدول العالم بقرار حكومي، وكأنّ مؤسسة التأمينات حكومية وليست خاصة 100%!
نعم، المؤسسة خاصة لجهةالمنتسبين لها (عمال) ولجهة مواردها المالية (اشتراكات) ومع ذلك تصر الحكومة من خلال وزارة المالية على اعتبارها مؤسسة عامة 100% دون أي اعتراض من الجهة التي يمكنها الإعتراض أي التنظيم العمالي .. فلماذا؟
والملفت، بل والمستغرب، أن غالبية أعضاء مجلس إدارة التأمينات معينين من قبل الحكومة مقابل تمثيل رمزي للقطاع الخاص والعمال، كما لا تسمح الحكومة لمؤسسة التأمينات باستثمار أموالها إلا بموافقتها، بل وتحدد سقف رواتب المتقاعدين وبدل الطبابة تماما كأي مؤسسة حكومية!
لقد ورد في الموازنة العامة للدولة للعام 2022 ان كتلة الرواتب والأجور المرصودة تبلغ 1600 مليار ليرة منها 400 مليار كتلة رواتب وأجور المتقاعدين .. ألا يعني هذا الإعتراف الصارخ بأن من يتحكم بأموال التأمينات وزارة المالية وليس مجلس إدارتها، والسؤال: ما المستند القانوني لتضمين أموال التأمينات الخاصة بموازنة عامة مواردها المالية يجب أن تكون حصرا من حزينة الدولة!
والمستغرب أكثر ان ديون التأمينات على المؤسسات الحكومية بعشرات المليارات ولا تُقارن بديونها على القطاع الخاص، ومع ذلك لم تُلزم وزارة المالية هذه المؤسسات بتسديد اشتراكات العمال المتراكمة منذ سنوات لأن هذا الأمر لايعنيها، طالما أن التنظيم العمالي لم يحرّك ساكنا، ولم يضغط لاسترداد حقوق العمال لافي القضاء ولا في مجلس الشعب!
لقد أعلنت مؤسسة التأمينات منذ عشرين عاما انها مستعدة لصرف راتب لكل من يفقد عمله لسبب من الأسباب أسوة بمعظم دول العالم، لكنها لم تستطع أن تترجم أقوالها إلى أفعال لأن وزارة المالية ترفض صرف راتب بطالة للعاطلين عن العمل، على الرغم من انه لن يُكلف خزينتها قرشا واحدا!
ولو سمحت الحكومة لمؤسسة التأمينات بتفعيل آلية لصرف رواتب للمتعطلين عن العمل، مع السماح للقطاع الخاص بالإستغناء عن خدمات العمالة الفائضة لما وجدنا هذا الرفض الشرس للقطاع الخاص لتنسيب عماله إلى مظلة التأمينات!
الخلاصة: أن الآوان لتحرير مؤسسة التأمينات الإجتماعية الخاصة 100% من قبضة وزيرالمالية، والسماح للقطاع الخاص بالمشاركة بإدارتها بفعالية ، وخاصة في مجالات استثمار أموالها بما يتيح تحسين الأوضاع المادية والمعيشية والطبية للعمال والمتقاعدين.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة