مجلس الجامعة… توصيف المأساة وعجز الحلول
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
الكثيرون فقدوا الأمل من دور مفصلي ومؤثر للجامعة العربية في التصدّي للأزمات العربية الكبرى، ومع ذلك يقولون “الكحل أفضل من الرمد”، ومن هذا المنطلق تأتي مشاركة سورية في أعمال مجلس الجامعة ممثلة بالدكتور فيصل المقداد وزير الخارجية، الذي أكد أن الدعم الأمريكي لـ”إسرائيل” سياسياً في مجلس الأمن وعسكرياً يجعلها شريكاً في حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، وفي اعتداءاتها على سورية ولبنان.
وعلى خطا المقداد كرّر المتحدثون في مجلس الجامعة التوصيف للحالة الفظيعة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، وخاصةً في قطاع غزة، وكان لافتاً ما أكده وزير خارجية السلطة الفلسطينية حول عدد الشهداء والجرحى الذين تجاوزوا المئة ألف إنسان، إضافة الى خطر المجاعة الذي يتهدّد الكبار والصغار، وحالة
الدمار الناتجة عن قصفها بأكثر من سبعين ألف طن من الذخائر التي دمرت أكثر من سبعين بالمئة من المساكن في القطاع، وهجّرت أكثر من مليوني غزاوي.
ولاتزال “إسرائيل: ترتكب القتل والتدمير والحصار ومنع المساعدات، أما وزير خارجية الجزائر فقد وعد بمتابعة جهود بلاده في مجلس الأمن بحثاً عن وقف لإطلاق النار، مع الإشارة إلى أن واشنطن قد أجهضت باستخدامها للڤيتو مشروع قرار قدمته الجزائر ووافق عليه ثلاثة عشر عضواً في مجلس الأمن، وامتنعت بريطانيا عن التصويت عليه.
ربما تكون مشاركة الوزير المقداد في اجتماعات المجلس مهمة لإجراء مباحثات سياسية مع وزراء الخارجية العرب المشاركين لتطوير العلاقات الثنائية وتفعيل العمل العربي المشترك، وكذلك الاجتماع مع ممثلي الجالية السورية ورجال الأعمال والمستثمرين السوريين في مصر ودعوتهم للعودة والمشاركة في عملية إعادة الإعمار، وتكريس وتعميق التطبيع العربي مع دمشق الذي بدأ قبل عام عند التحضير لمؤتمر قمة جدّة الذي استعادت فيه سورية مقعدها في الجامعة العربية، والذي سبق أن فقدته نتيجة الضغوط الغربية ومن بعض الأطراف العربية منذ بداية الأزمة قبل ثلاثة عشر عاماً.
المؤسف أن مجلس الجامعة لم ولن يتخذ أي قرار صارم وحاسم من عيار قطع العلاقات مع “إسرائيل”، أو تعليق العمل باتفاقات السلام معها، أو اتخاذ أي إجراء يهدّد المصالح الأمريكية إذا لم تتوقف عن دعمها ومشاركتها في العدوان على غزة.
وللأسف فإن بعض العرب ما زال يعتقد أن أمريكا ليست عدواً للجميع، والأسوأ من ذلك أن العرب لم يعملوا على استثمار ثقلهم البشري والاقتصادي والجيوسياسي لفرض مواقف سياسية على الغرب تكون أقل تحيزاً لـ”إسرائيل”، وأقل مخالفة لقواعد القانون الدولي في تعاطيهم مع القضايا العربية.
ومايلفت الانتباه أن اجتماعات مجلس الجامعة التي تعقد في مقرّها في القاهرة لم تلقَ الإهتمام الإعلامي المطلوب من الفضائيات العربية وغير العربية، بل تم التعامل معها كاجتماعات روتينية تنظيمية وإلقاء الكلمات التي توصف بعض المشكلات التي تعانيها بعض دولهم، مع بعض التفصيل في مراجعة ما تفعله “إسرائيل” في حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، ليس إلا.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة