مشروع موازنة “مهلهل ” وأوضاع اقتصادية مقلقة!
خاص غلوبال – هني الحمدان
يعكس مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المقبل 2024 حالة من عدم التفاؤل حول تناقص أرقام بعض البنود، وخاصة في دعم المظلة الاجتماعية أو المشروعات الرئيسة من أجل تحقيق مقومات انتعاش داعمة للاقتصاد الوطني تجعل من أدائه متوازناً رغم التحديات والظروف الضاغطة محلياً وخارجياً، والتي تفاقمت مؤخراً جراء حالة التضخم الضاغطة وضعف قنوات ومسارب الاستثمار بشقيه، وكذلك القدرة على استيعاب الآثار والحد من انعكاساتها على القطاعات الاقتصادية.
فبعيداً عن ارتفاع حجم الموازنة الذي يمثل إجمالي الإنفاق بشقيه الجاري والاستثماري وهو جاء كضرورة للتعاطي مع متطلبات المرحلة وأهمها الأولويات المطلوب إنجازها خلال 2024 بما يؤدي إلى تعزيز التنمية والحد من الفقر والبطالة وتجويد الخدمات بالتوازي مع مساري الإصلاح الاقتصادي والإداري، فإن الدعم لمشاريع ورؤى استراتيجية كبرى تصب في خانة رفع وتيرة النمو الاقتصادي متواضعة إذا ما قلنا شبه معدومة..!.
الأمر الذي يبرره مشروع الموازنة بحجم التحديات ومتطلبات تأمين احتياجات ومتطلبات المرحلة في ظل سيطرة حالة التضخم وشبح الغلاء..!.
كما هو معلوم هناك فرضيات أساسية في مقدمتها تباطؤ النمو العالمي بسبب الجهود العالمية المبذولة لخفض التضخم و استمرار الوضع الاقليمي على ما هو عليه، وضرورة التعامل مع التطورات التصاعدية على المشهد الحالي إقليمياً و انعكاساتها المالية وفقاً لمعطياتها وزيادة الإنفاق على متطلبات مواجهة الظروف المحيطة بما في ذلك نفقات المعالجات الطارئة كلها تحديات ضاغطة ومكلفة، لكن يبقى موضوع المحافظة على مستويات المعيشة والحيلولة دون تراجعها في ضوء توقعات ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة إذا استمرت الأحداث واحتمال اتساع نطاقها وتداعياتها السلبية يضع تحدياً آخر أمام الموازنة العامة وخطط الحكومة من خلال الحاجة إلى سلسلة إجراءات لحماية القطاعات الاقتصادية وتمكينها من مقاومة الظروف المستجدة وزيادة مخصصات شبكة الأمان الاجتماعي بما في ذلك دعم السلع الأساسية، وهذا الأمر مستبعد في ضوء تراجع اعتمادات الضمان الاجتماعي ودعمه..!.
ماأحب الإشارة إليه هو موضوع مقدار الإنفاق الاستثماري والجاري وهذا يعد رافعة أساسية للنمو والدورة الاقتصادية وتنشيط مختلف القطاعات وتوفير فرص العمل، ومن المهم الالتزام بالمبالغ المقدرة لها في الموازنة للعام 2024 وإنفاقها ضمن سياق الأولويات والمشاريع التنموية والخدمة المدرجة وتوزيعها على مدار العام، وعدم ترحيل أي مبالغ منها للعام اللاحق.
فالإنفاق على الأنشطة الاستثمارية ولو بالحدود الدنيا من شأنه إعادة الإنتاجية ودوران العجلة، إلا أنه للأسف الشديد تأتي نسب التنفيذ في هذا البند متدنية، لجملة من الأسباب في مقدمتها عدم المتابعة وصعوبات خارجة عن استطاعة المؤسسة أو الإدارة التغلب عليها، بحكم أجزاء منها يحتاج إلى توريدات ومستلزمات وهي تتم عبر توريدها من الخارج وهذا باب ليس بالسهل كما هو معروف..!
مطالبة الحكومة وخلال ما خصصته من اعتمادات لبعض المناحي والمرافق، متابعة جدية لمشاريع رؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام هذا القطاع المتعثر منذ سنوات، علماً بأن كل مشروع موازنة جديدة تفرد له اعتمادات وميزانيات للنهوض بشركاته لكي يعود داعماً للإنتاج، لكن لم يتم ذلك واقعاً ملموساً، فكل عام تتعثر شركة، وتتوقف أخرى..!.
تنمية وتطوير البلديات ضرورة أيضاً حتمية، فغالبية البلديات لها وارداتها وعائداتها ومايتم رصده، إضافة لميزانيات الدعم الجانبية، ومشاريعها لاتزال ” ترقيعية ” أقرب لما تكون للفشل لأن تنفيذها سييء، فلامتابعة ولامعاقبة للمخطئين والفاسدين وما أكثر المتلاعبين..!.
إن زيادة كفاءة التحصيل ومعالجة التهرب الضريبي أحد المرتكزات التي يجب أن تكون حاضرة وبقوة خلال ال 2024 لتعزيز الإيرادات المحلية وزيادة نسبة تغطيتها للنفقات ومواصلة الجهود المبذولة للاعتماد على الذات وصرف كل ليرة بمحلها كما يقال..!.
تبدو تلك الفرضيات والتوقعات حيال المحافظة على كل قرش وجودة التنفيذ في البنود المالية بمطارحها السليمة، وخاصة في مواقع الإنتاج منطقية في ظل أحوال اقتصادية صعبة وأوضاع معيشية مقلقة، ويؤمل ألا تحدث أي انحرافات في اعتمادات الموازنة بسبب الظروف الضاغطة وما ستؤول إليه الأوضاع الاقتصادية وتوجهاتها.
الإشارة إلى ضرورة التركيز على أولوية الأولويات مع الانتباه الجيد إلى حجم الضغوطات المعيشية المكلفة والمرهقة على حال الأسر السورية، فالعمل حسب المستطاع على فتح أبواب أو مسارب تخفف وتلطف من مستوى الوضع الذي وصل لذروته الحادة المكلفة مادياً على المواطن أمر حكومي يصب في حسن التعاطي وتلطيف الأجواء، من خلال التخفيف قدر الإمكان من آثار أي قرار قد ينعكس سلباً على فاتورة العيش الثقيلة جداً..!.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة