مطبات رسم استراتيجيات إعادة الاعمار!
خاص شبكة غلوبال الإعلامية – بقلم: سامي عيسى
المتتبع للتحضيرات التي قامت بها الحكومة السورية منذ انطلاق عملية إعادة الاعمار والتحضير لها بصورة رسمت ملامح خطواتها يرى بنيت على استراتيجيات من شأنها ملامسة معيشة المواطن اليومية من جهة، والجوانب المتعلقة بالبنية الاقتصادية والخدمية والمرافق العامة التي تؤمن قوة واستقرار الاقتصاد الوطني بكل مقوماته ومكوناته المادية والاجتماعية من جهة أخرى، منطلقين في وضع هذه الخطط على النتائج التي حققها الجيش العربي السوري على أرض الميدان وإعادة السيطرة من جديد على مقدرات وثروات الوطن التي خرجت من يد الدولة نتيجة الفكر الارهابي وتخريب العصابات المسلحة.
ولكن إصرار الجيش على التحرير، وتصميم الدولة السورية على متابعة البناء وإعادة الاعمار وفق رؤية واضحة وصريحة مبنية على أساس استثمار الطاقات البشرية والمادية والمالية المتوافرة أدى بالوزارات والجهات الحكومية وفعاليات القطاع الخاص إلى اعداد الخطط ورسم السياسات لبناء ما دمر، وإعادة رسم خارطة اقتصادية صناعية خدمية، تعتمد بالأساس على توفير الحاجات الاساسية للمكون الرئيسي للدولة ألا وهو المواطن وتأمين سبل معيشته.
لكن المثير للاستغراب في رسم هذه الاستراتيجيات تجاهل أمور هي في غاية الأهمية، لا بل تشكل خطورة كبيرة في تجاهلها، تكمن في اعادة ترسيخ المفاهيم الوظيفية الوطنية المبنية على الانتماء الكامل للوطن وحب العامل للجهة العامة والخاصة المرتبط بها وخاصة أن الأزمة قد أوجدت الكثير من الترهل الوظيفي ودخول مفاهيم لا تخدم العملية الانتاجية والخدمية ليس في القطاعات الحكومية فحسب و بل الأمر ينسحب على واقع القطاع الخاص…!
وهنا يمكن ذكر بعض هذه المفاهيم منها تفشي مرض الأنا، وشخصنة العمل إلى حدود تجاوزت حدود المعقول، واتساع رقعة سرقة المال العام، والتجاوزات التي تظهر من خلال العلاقات المشبوهة فيما بين القطاعين العام والخاص، والدخول في جزئيات العمل وإخضاعها وفق سراديب المنفعة التي تحكمها تلك الجزئيات، مقابل تراخي دور بعض الاجهزة الرقابية عليها والتي سمحت بهذا النمو المتسارع لها..!
والأخطر من هذا كله فساد طفى على السطح خلال سنوات الأزمة، بعيداً عن كل الضوابط الاخلاقية والقانونية إلا في الحدود الدنيا، نذكر على سبيل المثال لا الحصر، الترهل الاداري بمختلف مستوياته، واستغلال المناصب للتعتيم والسرقة، واستغلال الآخرين، موظفين خارج أوقات الدوام ويقبضون استحقاقاتهم من رواتب ومكافآت، وأذونات سفر، وتعويض إضافي وهم قابعون في منازلهم أو في المنتزهات، أو حتى خارج الحدود، وصولاً الى استبعاد الكفاءات والشرفاء من الموظفين، لأنهم خطر يهدد بقاء الفاسدين والمفسدين في المفاصل الحكومية على اختلاف درجاتها وحتى في جهات القطاع الخاص لم تسلم من هؤلاء..؟
وبالتالي تهميش هذا الأمر في استراتيجيات المعالجة، وإعادة الاعمار يشكل بحد ذاته خطورة هي الأكبر على جسم الدولة بكل مكوناتها، لذلك لابد من العودة لبناء هذه الاستراتيجيات على هذا المكون الأساسي في رسم الخطط ووضعه ضمن الأولويات واعتماد مبدأ بناء الوظيفة والإنسان قبل البدء بتنفيذ مراحل إعادة الاعمار وبناء الحجر والشركات ومواقع الانتاج، لأن النجاح الحقيقي في ترجمة تلك الاستراتيجيات وتنفيذها على أرض الواقع مرهون بتوافر الكادر المختص والنظيف الذي يحمل صفة الانتماء للوطن وغير ذلك سنبقى جميعاً نعاني من تبعات كل السلبيات التي ذكرت سابقاً في مقدمتها الفساد الاداري وقبله الأخلاقي..!
رغم كل ذلك فإننا متفائلين بمستقبل يشهد إعادة بناء بلدنا بسواعد أهلها وكفاءات وكوادر شبابها.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة