معاصر الزيتون والخلل الذي يجب أن نتجاوزه
خاص غلوبال – زهير المحمد
تتكرر شكاوى مزارعي الزيتون من تلاعب أصحاب المعاصر بإنتاجهم والتحكم بنسبة استخراج الزيت وهذه الشكاوى لاتقتصر على الموسم الحالي أو الموسم السابق ولا على معاصر محافظة أو معاصر منطقة وإنما تنسحب على امتداد القطر، وهذا يتطلب التعاطي بشكل مختلف مع تلك الشكاوى عن التعاطي مع المشكلة في المواسم السابقة لأن المسألة تتعلق بموسم استراتيجي، وبجهد كبير يبذله الفلاحون وبنفقات ترتفع من عام لآخر من أسعار الأسمدة إلى أسعار المحروقات مروراً بأجور القطاف وأجور المعاصر، وبالتالي فإن انخفاض نسبة الاستخراج يرفع من ثمن تنكة زيت الزيتون على المستهلك الذي يعاني الأمرين من ضعف الدخل وتراجع القيمة الشرائية للعملة المحلية.
صحيح أن نسبة الاستخراج تختلف من حقل لآخر ومن سلالة لأخرى وما بين الزيتون المروي والبعل وهذا أمر يعرفه المزارعون والفنيون، لكن عندما يقسم المزارع ما جناه من نفس البستان ونوعية الأشجار وبذات اليوم إلى نصفين ويرسل كل نصف إلى معصرة ويكتشف أن نسبة الاستخراج بلغت 23 بالمئة في معصرة بينما كانت في المعصرة الثانية 12 بالمئة أي خمسين بالمئة تقريباً تم هدرها فإن ذلك يبدو غير مقبول لمايعنيه من هدر باهظ التكلفة عليه وعلى الاقتصاد الوطني وعندها يمكن أن يطرح ونطرح معه عدد من الاحتمالات، ومنها
أن يعمد القائمون على العصر بالغش والتلاعب المقصود وعدم استخلاص كامل الكمية من زيت الزيتون والإفادة منها لاحقاً أو ليس لديهم الخبرة الكافية بالتعامل مع المنتج أو أن خطوط الإنتاج في المعصر تفتقر إلى المواصفات الفنية المطلوبة على عكس المعصرة الأخرى.
في بعض الحالات يلجأ المزارعون إلى شكوى إلى الجهات المعنية ويحصلون على بعض التعويضات عند التأكد من حالات الغش والتلاعب المقصود، وغالباً يضيع حقهم في تفاصيل تتعلق بنوعية ثمرة الزيتون دون أن يكون هناك روائز ومقاييس دقيقة تؤكد أو تنفي صحة الإدعاء، وبالتالي فإن التعامل مع هذه المشكلات المزمنة وللحد من احتمالات الغش والسرقة أو الهدر الناتج عن تراجع الحالة الفنية لخطوط الإنتاج في المعصرة أو قلة الخبرة لدى مشغليها، فإن ذلك يتطلب تشكيل لجان فنية خبيرة وعلى نفقة وزارة الزراعة ومديرياتها تقوم بالإشراف على المعاصر الواقعة ضمن تبعيتهم، والتأكد من أهلية الكادر الفني المشرف ومن تحقيق خطوط الإنتاج للمواصفات الفنية المطلوبة، وتقديم مايلزم من معلومات ترفع من كفاءة المعاصر ومن خبرات كادرها الفني والعمل على مايسمى( بالمعايرة) دون أن نترك لتلك اللجان ثغرات تشجعهم على الابتزاز.
فالمطلوب منها ليس قمع المخالفات فقط وإنما الارتقاء بكفاءة تلك المعاصر وزيادة الكميات الناتجة من زيت الزيتون والتي يمكن أن تتجاوز نسبة الهدر المقصودة أو غير المقصودة حالياً إلى ما بين ثلاثين إلى أربعين بالمئة من إنتاجنا لزيت الزيتون، الذي يعتبر من المواسم الإستراتيجية، خاصة وأننا نحتل المركز الأول على الصعيد العربي بعدد أشجار الزيتون والثاني في إنتاج زيت الزيتون بعد تونس قبل الحرب الكونية التي نعاني من تبعاتها حتى الآن.
إن إجراء المعايرة لمعاصر الزيتون ورفع كفاءتها وكفاءة الكادر المشرف على تشغيلها يحقق إنصافاً للمنتج والمستهلك ويحقق ربحاً وطنياً ينعكس إيجاباً على الجميع.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة