مكاتيب القمة العربية تُقرأ من عناوينها
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
يبدو أن زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي (سوليفان) إلى السعودية قبيل انطلاق القمة العربية، وتلويح أمريكا بتشديد عقوبات قانون قيصر على سورية وعلى الدول التي يمكن أن تطبع معها سياسياً واقتصادياً لم تؤثر سلباً على حرارة الترحيب بالوفود السورية التي تصل تباعاً الى المملكة، وهذا ما لاحظناه في قول وزير الخارجية السعودي: نرحب بعودة سورية إلى الجامعة العربية، ونتطلع إلى العمل العربي المشترك بما يخدم مصلحة شعوبنا، وبتكرار الترحيب على لسان وزير المالية السعودي في افتتاح اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وعلى لسان العديد من المسؤولين السعوديين.
وهذا الترحيب المتكرر بمشاركة سورية في القمة وفي الاجتماعات الوزارية التي تسبقها لا تعكس رغبة العاهل السعودي وولي العهد محمد بن سلمان فقط، وإنما توجه رسالة واضحة إلى أمريكا والغرب عموماً وإلى كل من عبّر عن امتعاضه من القرار السعودي العربي بتجاوز سلبية العلاقات العربية العربية عموماً، والعلاقات السورية السعودية على وجه الخصوص، وتبشر بما ستسفر عنه القمة في ترسيخ اتخاذ القرار الذي يخدم العرب وشعوب المنطقة، وعدم الانصياع للإملاءات الغربية التي لا تريد خيراً لأحد، فعنوان القمة كما قال وزير الخارجية السوري لدى وصوله الى السعودية يوم أمس (العمل العربي المشترك، وقوله إننا لا نتطلع إلى الماضي ونتطلع إلى المستقبل…نحن هنا لنعمل مع أشقائنا العرب لمواجهة التحديات)،وتلك التصريحات والعناوين تؤكد بأن قمة الرياض ستكون قمة القرار العربي الذي لن يخشى فيما سيقرره لومة لائم.
إن علاقة السعودية مع أمريكا والغرب علاقة جيدة لكن تلك العلاقة لم تمنع السعودية في إبرام اتفاق استراتيجي مع إيران برعاية صينية لتأكدها بأن ذلك الاتفاق سينعكس إيجاباً على دول المنطقة، وفي تعزيز الأمن الإقليمي بغض النظر عن الامتعاض الأمريكي الذي استثمر سنوات طويلة في العلاقات المتوترة التي عمقتها الأصابع الأمريكية الإسرائيلية (لغاية في نفس يعقوب)، وكذلك في توثيق العلاقة مع سورية المرشحة لمزيد من التعاون والتنسيق وبما يخدم القضايا الثنائية والعربية والإقليمية.
ربما لم يقتنع البعض بما قاله رئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير: (العالم سيصبح ثنائي القطب أو ربما متعدد الأقطاب ويقترب من نهاية الهيمنة الغربية)، لكن الصحيح أيضاً أن قرارات المملكة العربية السعودية باتت أكثر تحقيقاً لمصالحها ومصالح أمنها، وتعمق علاقتها مع الصين وروسيا، وعلى أمريكا والغرب أن يتعامل بواقعية مع سيادة الدول ومع قراراتها التي تحقق مصالحها وتطلعاتها.
إن سورية التي أقصيت عن مقعدها في الجامعة العربية لعقد ونيف من الزمن كانت الحاضرة الغائبة في جميع القمم والاجتماعات، والترحيب السعودي والعربي بهذه العودة الميمونة يعزز الأمل بعمل عربي مشترك يفرح الصديق وعلى الممتعضين أن يناطحوا جدران حقدهم.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة