مناقل الشواء أكلها الصدأ وبيعها يريحنا من هم الفحم والحطب!
خاص غلوبال – زهير المحمد
لايزال تجار الخردة يجوبون المدن والقرى بحثا عن أي شيء عتيق، وتعلو مكبرات الصوت شاحنات السوزوكي استعداداً لشراء أي شيء مستعمل وفق قائمة تتجدد مع الأيام، حتى دخل الصوف والفرش واللحف القديمة و اللباد إلى جانب كل شيء مصنوع من البلاستيك وخردة الحديد والتنك والنحاس والألمنيوم مع أن المعادن الغالية باتت شبه نادرة.
واللافت للانتباه أن بعض الناس بدؤوا ببيع مناقل الشوي مع حزمة السياخ التي كانت مخصصة لشي اللحمة، والشبكات الصدئة التي كانت تستخدم لشي الفراريج.
لقد كان المنقل غرضاً أساسياً من أغراض المنزل في الريف والمدينة على حد سواء، وذلك بسبب أسعاره المنخفضة ولاستخدامه في شواء اللحوم الحمراء ولحوم الدجاج ولشي السمك في الساحل السوري.
وكانت حفلة الشواء تختتم بشواء الباذنجان لتحضير البابا غنوج وبعض عرانيس الذرة التي كانت أسعارها وأسعار المواد الأخرى في متناول الجميع، وكان الفرق بين أسرة وأخرى المدة الزمنية التي تفصل بين حفلتي الشواء، كل أسبوع أو كل شهر أو في السنة مرتين أو ثلاث مرات في العام.
لكن عندما سألت أحدهم وهو يسلم المنقل لبائع الخردة لماذا تبيعه، قال بحرقة: كنا نشوي عليه اللحوم الحمراء ثم انتقلنا إلى لحوم الدجاج وإلى الجوانح والقوانص، ثم اكتفينا بشواء الباذنجان والبطاطا، والآن بتنا تماماً عاجزين عن استخدامه لأي شيء لأنه لم يعد لدينا القدرة على شراء الحطب أو الفحم لإضرام النار، ورأيت من الأفضل التخلص منه قبل أن يأكله الصدأ بشكل كامل وأستفيد من بيعه بشراء بيضتين على الأقل.
إن بيع وشراء الخردة والأدوات المنزلية المستعملة والخبز اليابس، تجارة قديمة لكن مكوناتها بدأت تتراجع في السنوات الأخيرة، وفق ما أكده سائق السوزوكي الذي ضم صندوقها أشياء مبعثرة كانت الأسرة السورية تتوسط لدى عمال النظافة فيما مضى لترحيلها مع القمامة، لكنها الآن تباع لنا ولو بأسعار زهيدة لأنه بات لكل شيء ثمن مهما انخفض.
إنها الأزمة والحرب الكونية التي عصفت بالبلاد وغيرت كل شيء في حياتنا، فالموارد والرواتب إلى انخفاض وحاجيات الأسرة تباع عند الضيق وقائمة طويلة من الأغذية تهرب عن الموائد والمناقل أكلها الصدأ، والدخل لم يعد قادراً على شراء الفحم أو الحطب.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة