من سوء التغذية إلى أخطار الجريمة
خاص غلوبال – زهير المحمد
مؤشر خطير جداً كشف عنه مصدر طبي في مشفى الأطفال بدمشق يتلخص بارتفاع إصابات من يعانون من سوء التغذية من الأطفال بنسبة عشرين بالمئة قياساً بالعام الماضي، وعلى اعتبار أن أسعار جميع المواد الغذائية قد ارتفعت بنسب عالية هذا العام، وخاصة الألبان والأجبان والحليب والبيض والمواد الغذائية الضرورية لنمو الأطفال، وتجاوزت بكثير نسب الزيادات على الرواتب والأجور، ووجود عشرات الآلاف من الأسر دون عمل، مع تراجع توافر فرص العمل في القطاعين العام والخاص، فإن نسبة من يعانون من سوء التغذية سوف ترتفع في الأعوام القادمة بكل ما يترافق من خطورة.
ذلك لأن أخطار سوء التغذية لاتقتصر على تراجع الحالة الصحية والحاجة إلى تناول أدوية أغلى بكثير من ثمن الأغذية التي تجنب الطفل الوقوع في المرض، بل لأن ذلك ينعكس سلباً على النمو الجسدي والعقلي، ما يعني أن الأطفال جيل المستقبل هم في خطر ومشكوك في قدراتهم العقلية انطلاقاً من قاعدة العقل السليم في الجسم السليم، إذ كيف يكون الجسم سليماً إذا لم يحصل صاحبه على السعرات الحرارية الكافية، وعلى المكونات الغذائية اللازمة لاستمرار حياته بشكل صحيح.
ولعل بعض الباحثين في علم الاجتماع وخبراء علم النفس قد يجدون ترابطاً بين سوء التغذية وتفاقم انتشار الجريمة، ليس بسبب ضغط الحاجة المادية فقط، وإنما لأن تأثير سوء التغذية على العقل له تأثير سلبي كبير ويضعف قدرة العقل على اتخاذ القرارات الصحيحة حيث تضعف عند الجائع المحاكمة العقلية.
ومع أنه لاتوجد دراسات ميدانية حديثة عن ارتفاع معدل الجريمة بين البالغين والأحداث، إلا أننا نتابع أسبوعياً إن لم نقل يومياً جرائم غير معتادة في المجتمع السوري، كانعكاس لتأثيرات الحرب الإرهابية التي تعرضت وتتعرض لها سورية خلال الثلاثة عشر عاماً الماضية، كتلك الفتاة التي قتلت والدها وذلك الزوج الذي قتل زوجته مع عدد من أفراد أسرتها أو ذلك الذي هجم على ذويه بقنبلة.
وربما أحدث تلك الجرائم ما قام به أحداث بعمر ستة عشر عاماً بقتل حارس منشأة خاصة في ريف حمص الشمالي لسرقة أكبال نحاسية، ومواد أخرى في محاولة غير مبررة للحصول على المال.
لهذا كله نحن لسنا بحاجة إلى دراسات ميدانية استقصائية عن المشكلات الغذائية والصحية والنفسية، وتأمين الرعاية الصحية للمتضررين من الآثار الكارثية للحرب فقط، وإنما نحتاج أيضاً إلى مراجعة خططنا ومعالجاتنا الاقتصادية التي تشير المعطيات النفسية والصحية والحياتية للناس بأنها ليست موفقة، وأنها بحاجة إلى معالجات أكثر تأثيراً وبشكل إيجابي على الصحة الجسدية والنفسية على الشرائح الواسعة من المواطنين.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة