من صراع عربي إسرائيلي إلى عالمي ضدّ الصهاينة
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
قبل قرن ونيف ومنذ وعد بلفور أكدت الجمعيات القومية العربية أن الصراع مع الاستعمار والصهونية ليس صراعاً وطنياً على مستوى دويلات تم تقسيمها وفق مزاج “سايكس -بيكو”، بل تمت ترجمة هذه العقيدة المقاومة للاحتلال من خلال مشاركة السوريين في حرب الإنكليز على أرض فلسطين قبل النكبة بعقد من الزمن، ومنهم عز الدين القسام، فيما شارك عبد القادر الجزائري في محاربة الاستعمار الفرنسي على الأرض السورية، كما استشهد السوري جول جمال في صدّ العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، والقائمة التي تؤكد أن صراعنا مع الاستعمار القديم والجديد ومع “إسرائيل”، هو صراع قومي، وأن ما يهدّد موريتانيا أو الجزائر يهدّد سورية واليمن، وأن الدفاع عن غزة وتحرير الضفة والجولان هي مسؤولية عربية، وبالتالي فإن أي تجزئة للصراع هي فهم خاطئ حاولت القوى الغربية تعميمه لتعميق الشعور بالعجز، ولإضعاف التأثير ولتفتيت القوة، وصولاً إلى توجيه الصراع من صراع عربي- غربي، أو عربي- إسرائيلي، إلى صراع عربي- عربي، حيث سيطر هذا الفكر وما زال يسيطر على بعض الأعراب الذين سارعوا للتطبيع مع “إسرائيل” بحجة أنها لا تخوض حرباً معهم، وبعيدة عن حدودهم، ووفقاً لهم فإن الفلسطينيين ودول الطوق هم فقط المعنيون بمواجهة “إسرائيل”.
الآن وبعد أن توسع الصراع مع “إسرائيل” وداعميها الأمريكان والغربيين عموماً من غزة إلى الضفة وصولاً إلى لبنان وسورية، وإلى العراق واليمن، سواءً من خلال الاعتداءات الإسرائيلية أم اعتداءات الأمريكان والإنكليز، ومن الأساطيل الألمانية والفرنسية التي عسكرت البحر الأحمر والخليج، وباتت تهدد العرب والإيرانيين ودول المنطقة وصولاً إلى الصين، كل هذا المشهد الساخن يؤكد أن الصراع ليس صراعاً عربياً- إسرائيلياً غربياً، بل هو صراع مع كل دول العالم التي ترفض التبعية للهيمنة الأمريكية.
وحتى مشهد هذا اليوم بدأ بإسقاط ست مسيّرات للتنظيمات الإرهابية المدعومة من قوى الاستعمار، لاستهداف مواقع للجيش العربي السوري، وفي تزامن مريب استهدفت “إسرائيل” أيضاً أحد المستشارين العسكريين الإيرانيين في مدينة بانياس، فيما قصفت أمريكا مواقع على الأرض اليمنية، ودون أي توقف لحرب الإبادة على قطاع غزة، والتي باتت تجري دون أي وازع من ضمير، وأي احترام للقوانين الإنسانية، وكان من أبشع تلك الجرائم قتل وجرح المئات من الفلسطينيين على دوار النابلسي، وهم يحاولون الحصول على بعض من الطحين الذي يسدّ الرمق ويؤجل الموت جوعاً ولو لعدّة أيام.
صحيح أن هذا الإجرام قد استنكرته معظم دول العالم ومسؤوليه، وأجج سخطاً شعبياً على امتداد الكرة الأرضية، لكن ذلك لم يعد كافياً، وعلى الجميع أن يدرك أن الصراعات المسلّحة وبؤر التوتر من المفترض أن تحدّد طرفين للصراع، وأن الوقوف على الحياد لم يعد مقبولاً؛ فالخطر يتهدّد الجميع بأوقات وأشكال مختلفة، والعدوان الإسرائيلي الأمريكي الغربي هو عدوان على الفلسطينيين والعرب وإيران وعلى القانون الدولي وعلى الأمم المتحدة، كما أن اللامبالاة التي تظهرها بعض دول العالم ستجلب المزيد من الأخطار على الجميع بمن فيهم من يعتقدون أنهم على الحياد.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة