من يوقف الجرائم الإسرائيلية الأمريكية
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية قد تكون اتهامات في معظم النزاعات المسلحة لكن الأطراف المتنازعة قد تتهرب من المسؤولية بحجة أن تلك الجرائم لم تكن مقصودة أو وقعت عن طريق الخطأ أو أن اللجان التي يتم تشكيلها للتحقيق في تلك الجرائم قد تضطر لتمييع النتائج تحت الضغط السياسي، خاصةً إذا كانت الدولة المتهمة من عيار الولايات المتحدة الأمريكية التي أدمنت على ارتكاب جرائم الحرب منذ قضائها على السكان الأصليين من الهنود الحمر مروراً بضرب القنابل النووية على هيروشيما وناكازاكي في نهاية الحرب العالمية الثانية، وجرائمها في أفغانستان والعراق وصولاً إلى جرائمها الإنسانية ضدّ الشعب السوري من خلال الحصار والعقوبات وسرقة الموارد.
أما جرائم “إسرائيل” المستمرة ضدّ الفلسطينيين في الأسابيع الماضية فهي لا تحتاج إلى تحقيق أو إلى لجان لأنها ترتكب على مرأى ومسمع العالم وتنقلها الفضائيات، ومن تلك الجرائم المثبتة حصار سكان قطاع غزة ومنع كل مستلزمات استمرار الحياة من ماء وغذاء ووقود ودواء وحتى الهواء الذي بات ملوثاً بدخان القنابل الممنوع استخدامها دولياً، والتهجير القسري للسكان باعتراف قادة العدو، وتوجيه الإنذارات العلنية والتهديد لمن لا ينفذ أوامر التهجير القسري.
ناهيك عن استهداف الأبراج السكنية وتهديم البيوت على رؤوس سكانها، وتدمير المشافي والمدارس ومنع إسعاف الجرحى وقتل الطواقم الطبية والإغاثية التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية، إضافةً إلى العقوبات الجماعية للسكان، فكل ذلك يندرج تحت إطار جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية، والخرق الصارخ لكل مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان.
أما قرارات مجلس الأمن فهي لا تعني شيئاً لـ”إسرائيل” بما في ذلك القرار الذي صدر قبل ثلاثة أيام بفرض هدن إنسانية، حيث ردّت عليه “إسرائيل” بقصف مدرستين للأونروا يوم أمس بشكلٍ متعمد، وقتل ما يزيد على مئتي طفل وإمرأة لجأوا إليهما، ومن المفترض أن تكون تلك المدارس التابعة لمنظمات الأمم المتحدة أماكن آمنة.
هذا جزء يسير من جرائم الحرب التي يمارسها الإسرائيليون ويجاهرون بارتكابها على مرأى ومسمع الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، وجميعها موثقة ومعها أدلتها الدامغة.
وبالتالي فإن “إسرائيل” لم تعد كياناً خارجاً عن كل القواعد والشرائع القانونية والإنسانية، وإنما باتت تشكل خطراً وجودياً على الحياة الإنسانية ولن تتورع عن إبادة الآخرين لأي سبب كان.
وإذا كان العالم بدأ يحمل المسؤولية لحكومة “إسرائيل” المتطرّفة، فإن ذلك يجب أن ينطبق أيضاً على الإدارة الأمريكية التي لاتزال تقدّم الغطاء والدعم لـ”إسرائيل” لإرتكاب هذه الجرائم، والتي لم يعد الكثيرون في الخارجية الأمريكية وفي بعض مواقع القرار يتحملون تحيز إدارتهم لمرتكبيه فاستقالوا ليسجلوا موقفاً رافضاً لاستهتار إداراتهم مع حكومة “إسرائيل” بسلامة البشر وقواعد الحرب وبالقوانين الدولية.
لقد باتت ممارسات “إسرائيل” الخارجة عن المألوف حتى عند مجرمي الحرب بحاجة إلى حلف دولي يوقفها عند حدها بجهود لا تقتصر على القوى الناعمة، وأن يضع هذا الحلف بالحسبان أن المواجهة ستشمل داعميها سياسياً وعسكرياً، وإلا فإن العالم سيسير باتجاه المجهول الذي سيكتوي الجميع بنيران أخطاره المتصاعدة.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة