مَن يمتلك السلطة القضائية الدولية؟
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
لاتزال العديد من دول العالم ترحب بقرار المحكمة الدولية بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس حكومة الكيان الصهيوني نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت، وتعقد الاجتماعات لوضع الخطط الكفيلة بالقبض على المجرمين الذين لم يتركوا جريمة وفق تصنيف القانون الدولي واتفاقات جنيف وقوانين الحرب إلا وارتكبوها جهاراً نهاراً، وتحت مرأى ومسمع العالم الذي تابع ولا يزال يتابع تلك الجرائم بشكل مباشر حتى عبر الوسائل التي كانت بشكل دائم تتحيز للصهاينة.
فالعقاب الجماعي والتهجير القسري والإبادة واستخدام الصواريخ شديدة التدمير ضد المدنيين في بيوتهم وفي مراكز الإيواء ومنع كل سبل العيش في حصار غير مسبوق في تاريخ الحروب في غزة وفي لبنان وفي غيرهما تعترف فيه حتى إدارة بايدن، بل توجه الإنذارات الخلّبية كي توقف “إسرائيل” تلك الممارسات بحق سكان غزة.
فالاتحاد الأوروبي الذي أكدت معظم دوله عبر مسؤوليها بشكل منفرد ومتتابع أنها ستنفذ القرار عقدت اجتماعاً لمسؤولي الاتحاد للوصول إلى وجهة نظر موحدة أوروبياً للتعامل مع هذا القرار الملزم، باستثناء واشنطن التي تعلن وبشكل وقح وعلى لسان المتحدث باسم خارجيتها أن محكمة الجنايات الدولية لا تمتلك سلطة قضائية.
ولتؤكد بكل صفاقة أنها تسير خارج سرب الإجماع الدولي ليس بالتعامل مع محكمة العدل الدولية فحسب، وإنما مع الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ومع كل المنظمات الدولية وحتى مع الاتفاقيات التي رعت اجتماعاتها والتوقيع عليها، معتبرة نفسها مصدراً للشرعية وسن القوانين وتمزيقها أو القفز فوقها، أو منح الرخص لمن تريد كي يوغل في تجاوز الخطوط الحمراء، حتى لو كان ذلك بحجم قتل الأبرياء وتجويعهم وترويعهم وإبادتم وتدمير منجزاتهم الحضارية.
شيء مؤسف ومخيب للآمال أن تصرّ واشنطن على الاستمرار في التغطية على جرائم الكيان سياسياً، ومده بكل ما توصلت إليه من تقنيات عسكرية مدمرة، وفي الوقت نفسه تنصّب نفسها كراعٍ للديمقراطية ولحقوق الإنسان، وتفرض العقوبات الجائرة على الشعوب، وتلزم دول العالم بتنفيذ أحكامها الجائرة الأحادية، كما هي الحال في العقوبات الأحادية التي تفتقر لأي مرجع قانوني بحق الشعب السوري، وبالتوازي تضرب بعرض الحائط بسلطات منظمة دولية أجمع العالم على دورها في خلق توازن قانوني من عيار محكمة الجنايات الدولية.
فهذا يؤكد مرة أخرى أن معارك العالم السياسية والقانونية وربما العسكرية لن تصل إلى أهداف تنصف المظلومين كدول وشعوب إلا إذا سمّت الأشياء بمسمياتها وتوقفت عن السير وراء الاستهتار الأمريكي الذي ربما يجرّ البشرية إلى ما لا يحمد عقباه.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة