نفاد الصبر الاستراتيجي وحتمية الردّ
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
تنشغل وسائل الإعلام العالمية بالردّ الإيراني المحتمل على “إسرائيل”، فيما تسارع الإدارة الأمريكية لتعلن مواصلة التنسيق مع حكومة نتنياهو للتصدّي للردّ الإيراني الذي لا مفرّ منه، إضافةً إلى تحركات مضطربة ومتسارعة مثل زيارة قائد القوات الأمريكية الوسطى لـ”إسرائيل”؛ ذلك لأن الوعيد بمعاقبة “إسرائيل” كان حاضراً بقوة في تصريحات معظم المسؤولين الإيرانيين، وفي خطبة العيد كان التهديد بالردّ واضحاً على لسان المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي.
وهذا التأكيد من كافة مستويات المسؤولية ومراكز اتخاذ القرار جعل كل من أمريكا و”إسرائيل” في حالة من التخبّط وعدم التوازن واستباق الحدث بشكل أكد للعالم أجمع أن العدوان على القنصلية الإيرانية ذا الأبعاد السياسية والقانونية والإنسانية كان بكل تأكيد بتنسيق وتعاون وثيق بين طرفي العدوان “أمريكا و(إسرائيل)”.
لقد وصل الحلف الأمريكي – الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة مستويات غير مسبوقة من الاستخفاف بالرأي العام العالمي وبميثاق الأمم المتحدة وبالقانون الدولي وبالاتفاقات والمعاهدات، ولم يترك فرصة لضبط النفس من خلال تجاوزه كل الخطوط الحمراء.
ومهما تمسكت إيران بصبرها الاستراتيجي وحرصها على عدم تعريض الأمن والسلم الدوليين للخطر في حالة الردّ على الانتهاكات السابقة، لكن الواضح أن صبرها شارف على النفاد، وتأكدت أن “الصبر على اللئام لن يزيدهم إلا عدواناً وفجوراً”.
ولهذا فإن الردّ الإيراني سيكون بحجم الخطأ الفادح التي ارتكبته قوى العدوان، والذي بلغ ذروته الإجرامية في استهداف قنصليتها، ومستشاريها، والاعتداء على سيادتها ورعاياها وقادتها وعلى حلفائها.
لقد حاولت أمريكا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة أن تتلطى وراء وعودها الكاذبة بمنع اتساع دائرة الصراع، لكنها أثبتت العكس من خلال الدعم والتنسيق والتحريض لـ”إسرائيل” في عدوانها على غزة وعلى شعوب المنطقة ودولها، وبالتالي فإنها تتحمل المسؤولية الكاملة لكل ما جرى ويجري وما سيجري لاحقاً من تداعيات في المنطقة والعالم.
فالصبر على العدوان له حدود لا يمكن إلا أن تتلاشى لفرملة هذا الاستخفاف الأمريكي – الإسرائيلي بإرادة الشعوب وسيادة الدول، وبالقانون الدولي الذي يستغيث بمن يمكن أن يرد له شيئاً من الاعتبار.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة