هروب الخبرات السورية خطر يهدد سلامة الوطن..!
خاص غلوبال – سامي عيسى
أنا كصحفي اقتصادي متابع للقطاع العام السوري، ومنذ عقود بهمومه ومشكلاته وصعوباته، وحتى مراكز القوة التي يعتمد عليها، ويفرض من خلالها وجودية مميزة في الأسواق المحلية، وحتى الخارجية تسمح له بتسجيل حالات تستحق الاحترام والتقدير، على مستوى أكثر من مئة دولة تصل إليها منتجاته، معززة بجودة وأسعار تناسب الجميع، وهذا الحضور شهدناه حتى بداية الحرب الكونية على سورية واستخدام أبشع الأدوات لتدمير هذه الوجودية، التي تحمل في مضمونها وشكلها هوية إنتاج قادر على الصمود في وجه المتغيرات الداخلية والخارجية، وهذه حقيقة لا نختلف حولها، لأنها تعتمد ثلاثية كانت الأساس في كل شيء “الخبرة – المال – البيئة”.
هذه الثلاثية شكلت قوة الاقتصاد الوطني محسوبة بمفردات القوة العقلية للطاقات الشابة، ورأس المال الذي حرك مداخيل الاقتصاد ووفر الأرضية الثابتة لاستثمار هذه الثلاثية قبل سنوات الحرب، لذلك كانت الهدف المباشر في عملية الاستهداف والتدمير، إلى جانب تخلي الحكومة السورية عن هذه الثلاثية بفعل الأحداث والحرب الكونية التي ضربت معظم مكونات الاقتصاد الوطني ، واتجاه الحكومة نحو فرض سياسة استثمار المتوافر لسد النقص من المواد وتأمين المستلزمات.
وبالتالي أكثر المتضررين من هذه السياسة الخبرات الوطنية والكفاءات العلمية، التي كانت المشغل الأساسي للحالة الاقتصادية العامة، والظهور المتميز للإبداعات الوطنية دون استثمارها وإعطائها الاهتمام المطلوب بدليل الكم الهائل من الإبداعات والاختراعات الوطنية، والتي هي من صنع الكفاءات الشابة الوافدة الى سوق العمل سواء الإنتاجي منها أم الفكري، وما يعيبها ضعف الاستثمار فيها أو حتى التفكير بها، ولو بالحدود الدنيا من قبل أصحاب رأس المال المحلي، مما وفر أسباب الهجرة واستفادة المال الخارجي منها، وعودتها إلينا سلعاً ومنتجات هي من إنتاج فكرنا وإبداعنا، وهذه مسألة في غاية الخطورة، الجميع مسؤول عنها الحكومة وأجهزتها، والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع الأهلي وغيرها..!.
والدليل الأوضح على عدم الاهتمام بالخبرات والإبداعات الوطنية بالصورة المطلوبة والتي توازي أهميتها الاقتصادية والعلمية، هو اتجاه رأس المال نحو مشروعات استثمارية آنية لا تحمل صفة الاستراتيجية بل الربح السريع، الأمر الذي وسع من دائرة الهجرة لهذه الكفاءات واستثمارها وعودتها إلينا منتجات بأيدٍ وخبرات سورية ممهورة بخواتم الهجرة..!.
والذي كرس ذلك خلال سنوات الحرب التي تعرضت لها سورية “ومازالت” وما فعلته في القطاعات الاقتصادية والخدمية هو هروب ليس الأدمغة والكفاءات والخبرات العلمية فحسب، بل حتى العمالة المنتجة التي أصبحت الخطر القادم الذي يهدد سلامة الاقتصاد الوطني، وخاصة القطاعات المنتجة والخدمية كالصناعة والزراعة والخدمات، لكن أخطرها القطاع الصناعي الذي بدأت شركاته تدق ناقوس الخطر حيث لا عمالة كافية، ولا كفاءات علمية، ولا إدارية حتى وصل الأمر بتكليف الشخص بأكثر من إدارة أو موقع..!.
صرخة استغاثة يطلقها القطاع الإنتاجي في سورية لإنقاذ ما تبقى من كفاءات علمية ويد منتجة، ووضع حد لسلسلة النقص الحادة في اليد المنتجة في الشركات..!.
فهل من يسمع هذه الاستغاثة ويتحرك بعملية إنقاذ وطنية لاستثمار العمالة المنتجة بما يخدم الدولة والمجتمع على السواء،قادمات الأيام تخبرنا بالمطلوب؟!..
طريقك الصحيح نحو الحقيقة