هكذا تهتم الحكومة بمعيشة المواطن؟!
يتكرر في خبر معظم جلسات مجلس الوزراء الأسبوعية جملة نمطية: وناقشت الحكومة تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن!
ومع أن الأسرة السورية لم تلمس حتى تاريخه ترجمة فعلية لأي تحسّن في معيشتها، فإننا نستغرب عدم قيام الوزراء المعنيين وتحديدا وزراء المالية و التجارة والإقتصاد والزراعة بطرح السؤال الأساسي في اجتماع أو أكثر لجلسات مجلس الوزراء: ما الآليات الفعالة لزيادة القدرة الشرائية للمواطن محدود الدخل؟
ولو أن اللجنة الإقتصادية مثلا اهتمت بموضوع زيادة القدرة الشرائية مثلما تهتم بالموافقات المتلاحقة على زيادة أسعار السلع والخدمات الحكومية وبخاصة حوامل الطاقة لشهدنا تحسنا ولوطفيفا بمعيشة المواطن!
أليس غريبا ومستغربا إن اللجنة الإقتصادية على مدى الأعوام العشرة الماضية لم توافق على أي مقترح لتحسين معيشة المواطن.. ترى لماذا؟
نعم.. السؤال الذي يحتاج إلى إجابة: كيف تهتم الحكومة بمعيشة المواطن؟
لو أخذنا الإجتماع الأخير لمجلس الوزراء لوجدنا الإجابة بالتالي: (جدد المجلس تأكيده على تأمين انسياب السلع والمواد الغذائية الأساسية إلى الأسواق المحلية والتشدد بتطبيق القوانين في ضبط الأسواق ومحاسبة المحتكرين والمتاجرين بالمواد المدعومة وتعزيز التنسيق مع تجار الجملة ومستوردي المواد بهدف ضمان وجودها في الأسواق)!
لاشك إن تأمين السلع والتشدد بضبط الأسواق ومحاربة المحتكرين مهم جدا وهو مسؤولية عدة وزارات، ولكن السؤال: من يقدر على شراء السلع والمواد المتوافرة بكثرة في الأسواق وفي صالات “السورية للتجارة”؟
وعندما تبيع الحكومة عبوة الزيت النباتي بـ 8200 ليرة لكل أسرة شهريا فبكم ستشتري ملايين الأسر بقية احتياجاتها من الزيت، بل هل هي قادرة على تخصيص 60 ألف ليرة للزيت فقط شهريا؟
ولو رصدنا ماحدث ويحدث في مؤشرات أسعار جميع السلع والمواد الأساسية لأصابنا الذهول إلى درجة بتنا نتوقغ فيها ارتفاعا في الأسعار مع انفضاض أي جلسة لمجلس الوزراء يناقش فيها تحسين معيشة المواطن!
بعد الجلسة الأخيرة للحكومة قفز سعر كيلو هبرة الغنم إلى 45 ألف ليرة أي تقريبا نصف الحد الأدنى للأجور وصحن البيض إلى 15 ألف وكيلو الفروج المنظف إلى أكثر من 10 آلاف، والبرغل،نعم البرغل،إلى 6 آلاف ليرة، وهذا الإرتفاع المرعب ليس سببه جشع التجار فقط، بل قرارات حكومية برفع أسعار الأعلاف والأدوية وحوامل الطاقة..إلخ.
وعندما توافق وزارة التجارة على رفع سعر الزيت النباتي فهي توافق أيضا على رفع كل السلع التي تستخدم الزيت وبخاصة الفلافل التي ارتفع سعر أصغر سندويشة منها في الأحياء “الشعبية” إلى 2000 ليرة في الأسبوع الماضي!!
تصوروا.. إن أسرة مكونة من 4 أشخاص اقتصرت في وجباتها اليومية على سندويشتي فلافل فقط لكل فرد، فهي ستحتاج إلى 480 ألف ليرة شهريا.. هل هكذا تهتم الحكومة بمعيشة المواطن؟
ومع إن المربين والباعة لاحظوا انخفاض إنتاج البيض والفروج واللحوم والحليب والألبان والأجبان .. الخ بنسب كبيرة جدا تتجاوزالـ 40% بسبب عدم قدرة ملايين الأسر السورية على شرائها بالكميات التي تحتاجها فإن الحكومة تجاهلت مايحدث من سوء تغذية يومية للمواطن، وهي مقتنعة حتى الآن ان الأكثر أهمية هو توفر السلع والمواد في الأسواق لمن يقدر على شرائها بكميات تفيض عن حاجته اليومية!!
ترى إذا كان قطاع الدواجن والثروة الحيوانية الذي يجب أن تُشكل منتجاته السلع الأساسية اليومية على موائد ملايين الأسر السورية لايستأثر باهتمام الحكومة فتعمل على تخفيض أسعاره بما يُناسب دخل المواطن.. فلتخبرنا أي جهة حكومية عن آلياتها لتحسين معيشة الأسرة السورية؟
لقد أعجبني كثيرا رد وزير التجارة عمرو سالم حول عدم تناسب دخل المواطن مع الأسعار المرتفعة للمواد فقد قال: عندما يستورد التاجر يستورد بناء على السعر العالمي وليس بناءً على دخل المواطن!
لكن كان يجب على الوزير أن يُكمل فيؤكد كي يستمر إعجابنا برده: أما من جانبنا كحكومة سنوفر السلع الأساسية للمواطن بصالاتنا بما يُناسب دخل المواطن!
قلناها مرارا وسنستمر بتكرارها: الحكومة هي التي توافق على تسعير المنتجات والخدمات سواء في الجهات العامة أم الخاصة وفق تكاليفها الفعلية، وبما ان الحكومة هي الجهة الحصرية التي تحدد الحد الأدنى للأجور فيجب ان ترفع هذا الحد إلى مستوى يؤمن مستلزمات المعيشة أوتدعم العاملين بأجر بسلة غذائية شهرية تناسب دخلها الذي لم يعد كافيا للحفاظ على صحة أفرادها لاجسديا ولاعقليا!!
طريقك الصحيح نحو الحقيقة