هل الحريق يوقف طوفاناً؟!اشتباك النقطة صفر وسياسة الأرض المحروقة
خاص غلوبال – شادية إسبر
لم يكن مفاجئاً أن يهرب كيان الاحتلال الإسرائيلي بعديده وعدّته، من أمام المقاومين في “طوفان الأقصى”، وتختبئ قواته في طيرانه الحربي.
سياسة الأرض المحروقة، هي الخطة العسكرية الوحيدة التي يمتلكها وينتهجها كيان الاحتلال الإسرائيلي، في كل المعارك وبكل المراحل، وهذا هو حاله اليوم في المعركة التي بدأتها المقاومة الفلسطينية فجر السبت، رداً على الاعتداءات المتواصلة وجرائم الاحتلال التي لا تتوقف بحق كل ما هو فلسطيني وعربي، وبالتأكيد لم يغب عن بال مخططي الهجوم المقاوم أن يكون القصف الإسرائيلي لغزة عشوائياً مدمراً للأبنية السكنية وللمرافق الحيوية، فقد تعرضت بنية وأبنية القطاع المحاصر للتدمير مرات عدة، حتى دون أن يكون هناك أي عمل مقاوم، فكيف الحال وقد بدأ المقاومون بـ “الطوفان”!.
تفصيل جديد لافت خلال عملية “طوفان الأقصى” هو التوثيق الإعلامي، والتركيز على تصوير العمليات البطولية للمقاومين في كل خطوة ومعركة واشتباك، حيث طافت وسائل التواصل الاجتماعي بمئات الفيديوهات عن “طوفان الأقصى”، أبرزها ماوثقه المقاتلون للحظاتهم البطولية في اشتباكاتهم من “النقطة صفر”، عند كل اقتحام وسيطرة على موقع عسكري إسرائيلي، ووجهاً لوجه، اقتحم المقاوم الفلسطيني تحصينات جنود “الجيش” الإسرائيلي، وخاض ببسالة اشتباكات ضارية، وفي قلب مواقع العدو المحصنّة، واجهت البندقية المقاومة عدةً عسكرية هائلة، وأنجزت المهمة التكتيكية ضمن الخطة الاستراتيجية.
الفيديوهات وثقت أيضاً هروب جنود الاحتلال أمام المقاومين، وكيف تركوا مواقعهم وأسلحتهم، وتخلوا عن دباباتهم وعن مستوطني كيانهم أيضاً، فكيف كان الرد (المتوقع) من مسؤولي كيان الاحتلال؟.
في أحدث تصريح له، يقول المتحدث باسم “جيش” الاحتلال الإسرائيلي: “نركّز في هجماتنا على إلحاق ضرر وليس على الدقة”.
اعتراف واضح وصريح بجريمة القتل العمد لأكبر عدد ممكن من المدنيين الفلسطينيين في غزة، عبر قصف مكثف عشوائي بأسلحة حارقة محرمة دولياً، نفذتها طائرات الاحتلال الحربية بغارات لا تتوقف ليل نهار، على منازل الفلسطينيين ومرافق البنية التحتية توزعت في أنحاء قطاع غزة المحاصر كافة، أحدثت دماراً هائلاً في الأحياء السكنية والمرافق الحيوية، وأسفرت عن استشهاد 800 فلسطيني وإصابة 5000 آخرين غالبيتهم من الأطفال والنساء، وتدمير 168 مبنى بشكل كلي في حصيلة غير نهائية أعلن عنها عصر اليوم الرابع (10/10/2023)، ليؤكد المشهد مجدداً الوحشية الإرهابية المتزايدة لكيان الاحتلال، والعقلية الصهيونية المجرمة لمسؤوليه، ومنهجية الهروب إلى الأمام من المواجهة العسكرية مع المقاومين إلى قتل المدنيين.
الوحشية الإسرائيلية لم تقتصر على العدوان العسكري، حيث سبق ما يسمى وزير الطاقة الإسرائيلي شريكه في الإجرام المتحدث باسم جيش الاحتلال، وأعلن أنه “أعطى تعليمات لقطع جميع خطوط إمداد المياه إلى قطاع غزة”، وتم قطعها بالفعل وبشكل كامل منذ الاثنين (9/101/2،023)، فهل هناك أسوأ من جريمة القتل عطشاً!؟.
وضع إنساني مأساوي في قطاع غزة، نقص حاد في الإمدادات الغذائية والدوائية والمياه، بعد تدمير البنية التحتية في عقاب جماعي لسكان القطاع، الوضع الذي خرج الآلاف حول العالم شعبياً للتنديد به، تراه حكومات دول الاستعمار مشروعاً كما ورد في بيان دعمها غير المستغرب لإسرائيل، تزامناً مع وصول حاملة الطائرات الأمريكية “فورد” إلى شرق المتوسط، لتقديم الدعم العسكري في العدوان على غزة التي يستشهد أطفالها بالمئات تحت أنقاض منازلهم.
وبينما يُدفن أطفال غزة في أسرّتهم تحت ركام منازلهم المدمرة، يقول شهود من مستوطني الاحتلال وفق ما قالت وسائل إعلامه (القناة 12 العبرية): “شهادات لمستوطنين بغلاف غزة تؤكد بأن مقاتلي القـسام تركوا النساء والأطفال ولم يقتلوهم، وكتبوا عبارات داخل منازل المستوطنين، أنهم لا يقتلون الأطفال”.
في جانب آخر، ذكر موقع (كان العبري): “الجنود يروون روايات أشبه بالخيال عن مقاتلي غزة، يخوضون اشتباكات عنيفة ومرهقة ولدى الوصول إلى مصدر الاشتباك يتبين أنهم كانوا يقاتلون عنصراً واحداً فقط”.
هكذا هي أخلاق المقاوم المدافع عن حقه، “اشتباك من النقطة صفر مع جنود مدججين بالسلاح” ورحمة بالأطفال والنساء والعجائز، وتلك هي عقلية ومنهجية المحتل الغاصب، “هروب من المواجهة على الأرض، وسياسة الأرض المحروقة بقصف جوي وقتل عشوائي”، فهل الحريق أوقف طوفاناً في التاريخ؟!.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة